بقلم : د. مظهر محمد صالح ..
تحول كتاب الطبيب النفساني روبرت لندنيرالصادر في العام 1944 تحت عنوان:متمرد بدون سبب، الى دراما سينمائية في العام 1955من بطولة الشاب جيمس دين ورافقته الممثلة الشهيرة ناتالي وود.إذ يحكي الفيلم هوس المراهقة ممن هم في عمر الدراسة الثانوية ومن عائلات الطبقات الوسطى الاميركية وعصيانهم على عدم طاعة والديهم.وان خلاصة الفيلم تقوم على واحدة من نظريات اللعب او المباريات
في علم الرياضيات والاقتصاد الرياضي التي تسمى بلعبة الخوف او
بالاحرى: لعبة الجبناءchicken game والتي مفادها،ان تحدياً يجري بين اثنين من اولئك المراهقين الاشقياء من خلال قيادتهما لسيارتين مسروقتين وهما يتجهان الى حافة منحدر عميق،وان من يقفز اولاً فهو الجبان الاول ومن يصمد حتى النهاية ثم يقفز فهو الشجاع الاول.وانتهت اللعبة ان جيمس دين قفز اولاً،الا ان سترة غريمه قد امسكتها بوابة سيارته ولم يستطع القفز في تلك اللحظات الحاسمة ما جعل غريمه بطلاً،ولكن النتيجة كانت السقوط الى الهاوية! وهكذا خسر جيمس دين بطل الفيلم شرف اللعبة في حين فقد غريمه حياته ! وبهذا عدت لعبة الجبناء انموذجاً مؤثراً في الصراع بين فريقين في نظرية الالعاب التي جاء بها علم الاقتصاد بالرياضيات.وان مبدأ اللعبة يقوم على فكرة ان اي من اللاعبين المتنافسين يفضل عدم التنازل الى الاخر،ولكن أسوأ مافي تلك اللعبة عندما لايتنازل اي من الفريقين للفريق الاخر وهو التعنت بالشجاعة ،فالنهاية هنا تعني مأساة لكلا الفريقين!ومن قبيل الصدف كان العام 1944 هو عام ولادة نظرية الالعاب يوم نشر العالمان الاقتصاديان فون نويمان وزميله اوسكار مورغنشتاين كتابهما الشهير في الاقتصاد الرياضي:نظرية الالعاب والسلوك الاقتصادي.حيث وضع الكتاب المذكور حقاً اٌسس ستراتيجية صنع القرار، وبشكل ادق دراسة النماذج الرياضية للصراع والتعاون بين العقلاء و الاذكياء من صناع القرار.
عد الفيلسوف وداعية السلام الراحل برتراند راسل هو اول من اطلق على هذا النوع من نظرية الالعاب بلعبة الجبناء ،ذلك يوم اشتعلت ازمة الصواريخ الكوبية في العام 1962 بين الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة الاميركية ابان الحرب الباردة واشتدت المواجهة والتهديد المتبادل دون ان تقوم الحرب ، اذ عد برتراند راسل يومها أرستقراطي الفلسفة التحليلية ومؤسس حملة نزع السلاح النووي . فكلتا الدولتين تعرفان ماذا تعني الحرب النووية وإشعال فتيلها من دمار للبشرية جمعاء ،فكانت المواجهة بين القوتين العظميين وقتها هي لعبة الجبناء، كما سماها برتراند راسل ،كي ينتزع فتيل الحرب.
وقبل ان يبتدئ العرض الاول لفيلمه الاول (متمرد بدون سبب) في صالات السينما الاميركية ،تعرض الممثل جيمس دين لحادثة سير تسببت في موته حقاً وهو في ريعان شبابه، حيث كان الممثل الراحل يضع اللمسات النهائية لفيلمه الاخر الذي سمي: شرق عدن.
ختاماً، خلدت مكتبة الكونغرس الاميركي فيلمي جيمس دين المذكورين انفاً وعدتهما من التراث الفني والثقافي المهم في تاريخ الامة الاميركية واضعةً الممثل الشاب الراحل في لعبة الابطال التأريخيين وخارج لعبة الجبناء!