بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
هكذا أصبح مستقبل طلاب كليات الطب مرهوناً بالمصادقة على شهاداتهم في الاردن بعد إكمال دراساتهم في الكليات العراقية. فكلية الطب التي تأسست في بغداد عام 1927، وتأسست في الموصل عام 1959، وتأسست في البصرة عام 1971، خسرت ماضيها العريق، وفقدت بريقها، وأصبحت تابعة لكلية الطب الاردنية التي افتتحت في جامعة اليرموك عام 1986 بمناهج عراقية وكوادر عراقية، لكنها هي التي تصادق الآن على شهادات المتخرجين في كليات الطب العراقية التي تأسست قبلها بمليون سنة ضوئية. والطريف بالأمر ان وزارة التعليم العراقية هي التي نشرت الخبر في 18 / 5 / 2023 معبرة عن فرحتها وابتهاجها بهذا (الإنجاز) العظيم، وذلك بعد فشل مجلس الاعتماد الوطني العراقي من الحصول على الاعتراف الرسمي من الإتحاد العالمي للتعليم الطبي WFME، فهرعت وزارتنا لتقبيل أقدام أشقاءنا في الاردن من أجل الاعتراف بكلياتنا الطبية، (Jordan, Iraq sign agreement to accredit medical colleges). فصار مصير الدفعات الجديدة من أطباءنا بيد هيئة أركان الطب في العاصمة الهاشمية عمان، وسيكون تعاملهم مع أطباءنا مشابهاً تماماً لتعاملهم معنا في مطاراتهم. و (وحدك ملكت الروح يابن العشيرة. عاملها بالمعروف عندك اسيرة). .
ولوزارة التعليم العراقية سوابق معلنة في هذا المسار المتعثر، فالشهادات البحرية التي تمنحها اكاديمية الخليج العربي للدراسات البحرية في البصرة باتت هي الأخرى خاضعة لمصادقة الجامعات الاردنية منذ عام 2003. ومن غير المستبعد ان تواجه الكليات العراقية الأخرى المصير نفسه في إعلان تبعيتها للأردن. .
وربما يأتي اليوم الذي تكون فيه لافتة كلية الطب في بغداد مذيلة بالعبارة التالية: –
كلية طب بغداد
تحت إشراف كلية طب عمان
والشيء نفسه لكلياتنا الطبية في عموم المحافظات. اما أغرب ما سمعته وقرأته فهو محاولات الجهات العراقية ذات العلاقة في تبريرها لهذا الفشل الذريع، وفي عدم قدرتها على مواجهة الحقيقة. .
ختاماً ننصح وزارة التعليم بهذه الحكمة: لتكن توجهاتكم الوطنية أكبر بكثير من خوفكم من الضياع في متاهات الفشل. .
ولله في خلقه شؤون. .