بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
هنالك تباين كبير بين الميزانية والموازنة. . يقول خبراء الشؤون المالية ان الموازنة العامة: هي رؤية لما يمكن حصوله للعام المقبل، في حين تعد الميزانية من أهم ادوات معرفة ما تم تحقيقه من إيرادات في نهاية العام. .
انا شخصيا لست من المختصين في هذا المضمار، والمعلومات المتواضعة المتوفرة عندي لا تختلف عن معلومات أي مواطن مگرود. لكنني أقف حائراً أمام بعض الحقائق المثيرة للدهشة، والمعروضة الآن أمام اللجنة المالية في البرلمان العراقي، فالتقارير المتداولة الآن تشير إلى ان المبالغ المخصصة لموازنة محافظات الاقليم وحدها تزيد على 16 ترليون دينار عراقي. والتي هي ثلاث محافظات فقط، بينما موازنة المحافظات العراقية المتبقية (15 محافظة) تقدر بنحو سبعة ترليونات دينار عراقي فقط، وهذا يعني ان موازنة محافظات الاقليم اعلى من موازنة جميع المحافظات العراقية بنحو عشرة تريليونات دينار عراقي. .
وتقول التقارير: ان تعداد الموظفين في اقليم كردستان في حدود 681.979 موظف وموظفة.
بينما يقتصر تعدادهم في جميع المحافظات العراقية في حدود 82.329 موظف وموظفة. .
ولا علم للحكومة المركزية بإيرادات بيع النفط والغاز في حقول الاقليم، ولا علم لها بإيرادات المنافذ الحدودية هناك. فالاقليم يتمتع الآن بصلاحيات دولة مستقلة تماماً. لها وزراءها وبرلمانها وحكومتها، لكنها تتلقى الدعم المالي غير المحدود من الحكومة العراقية، وبكميات تزيد على أضعاف أضعاف استحقاقات المحافظات الوسطى والغربية والشرقية والجنوبية. وبالتالي فان الموازنة فقدت توازنها بسبب عدم توفر شروط الاتزان فيها. .
فالعدل في الميزانية وفي الحكم هو الأساس المبني على الحق، لكن هذا الحق بات في حكم المفقود. ولا يزال مشروع قانون الموازنة المالية العراقية لعام 2023 يراوح مكانه. بانتظار ما تسفر عنه التوافقات أو التنازلات السياسية التي لا علاقة لها بالارقام والطرق العددية، ولا علاقة لها بالحسابات والمعايير المالية. لكنها ستكون قسمة ضيزى، وغير متزنة بالمرة لأنها مبنية على المجاملات والتحالفات الخفية والمعلنة والمبطنة. .