بقلم: عامر جاسم العيداني ..
طيلة عشرين عاماً والعراق يعيش حالة عدم استقرار أمني بسبب الاحتلال الأمريكي وما خلفه وراءه من صراع داخلي حتى جاءت الحركة الإرهابية داعش فقضت على كل آمال الاستقرار رغم القضاء عليه في حرب طويلة دامت أربع سنوات من القتال داخل المدن، ولكن بقي انفلات السلاح بيد المواطنين يستخدم ضد بعضهم البعض عند أي خلاف عشائري، ولم تستطع السلطات إيقافه الا بعد إدخاله ضمن قانون الإرهاب فانحسر بشكل كبير .
وبسبب هذه الحالة انكفأت غالبية الدول على منع مواطنيها من زيارة العراق للأغراض السياحية وطال ذلك المسؤولين الذين يزورون العراق بشكل خفي وسريع خوفاً من احتمالات تعرضهم لأية حالة خطر .
ولكن العراقيين عملوا بكل جهد من أجل خلق إعادة الحياة والبسمة من خلال اصرارهم على إدامتها، وما خليجي ٢٥ الاّ وكان البوابة التي دخل منها عرب الخليج حيث لم يتوقعوا بهذا الشعب المضياف وحبه لديمومة الحياة واستقباله لهم بشكل منقطع النظير ، حيث بذلت الحكومة المحلية بقيادة محافظها المهندس أسعد عبد الأمير العيداني جهودا كبيرة من أجل توفير كافة الظروف المناسبة لهذا الحدث الذي أبهر العالم وتفوق على بطولة كأس العالم التي أقيمت في قطر قبلها بأشهر قليلة، حيث أقيمت احتفالات على مستوى جميع الأماكن العامة وخاصة كورنيش شط العرب الذي يغصُّ يومياً حتى الصباح بالعرب والعراقيين معاً، وكان خليجي ٢٥ مفتاحاً للقاء كل الاطياف العراقية من شماله وجنوبه بعد جفاء طويل وخوف، ومن المفارقات كان الاخوة من الانبار مذهولين من الضيافة التي استقبلهم بها أهل البصرة في بيوتهم ومقاهيهم حيث كانوا يتصلون بأقاربهم للمجيء إلى البصرة وأنها أمينة وأهلها محبون للجميع .
أن هذا التحول المفاجئ بالرأي العالمي تجاه العراق بعد مشاهدتهم هذه الصورة المعبرة من الشعب العراقي عن حبهم للأمن والأمان فتحت أبواب الوطن على مصراعيه لجميع الدول وتوالت الزيارات من المسؤولين العرب والأجانب وعقدت اتفاقات والرغبة في الاستثمار وما مشروع طريق التنمية الا نتاج هذا المهرجان الرياضي الكبير، وأعربت الكثير من الدول عن رغبتها في تطوير علاقتها مع العراق إلى أعلى المستويات ، وانتعشت السياحة خصوصاً الإقبال الواسع على زيارة الأهوار في الجنوب من قبل السائحين الأجانب والتمتع بطبيعتها الخلابة.
وأدت هذه الاحتفالية إلى زيادة الحركة في السوق العراقية وانتعش اقتصادها، وعاد أبناء دول الخليج بزيارة البصرة بعد انقطاع طويل والتسوق من بضاعتها المنتجة محليا والتمتع بأماكنها السياحية والتواصل الاجتماعي مع اقاربهم الذين انقطعوا عنهم طيلة أربعين سنة منذ حرب الخليج الثانية، وأعادت العراق إلى الساحة الرياضية العالمية حيث تم رفع الحظر عن ملاعبه والموافقة على احتضانه لمجموعة غرب آسيا للشباب بكرة القدم باللعب على ملاعب بغداد وكربلاء .
ولكن من المؤسف لم نرَ الكاتب والمثقف العراقي قد كتب عن هذه الحالة ولم يعر اهتماماً بها ولم يكلف نفسه عن نقل الصورة الحقيقية لهذا الحدث الكبير ويسجل هذه النقلة التاريخية والتحول الذي حدث على يد الجمهور العراقي في البصرة ، الذي أبهر العالم بكرمه وضيافته حيث لم يكن لها مثيل في كل العالم .
وفي ختام مقالي هذا أدعو الكتاب والمثقفين أن يسجلوا لهم بصمة تاريخية والكتابة عن هذا الحدث والتحول وله من القصص الكثيرة ليكون لهم حضوراً حقيقياً احتراما وتقديرا لشعبهم والمساهمة في خلق حالة أوسع من التآلف بين أبناء الوطن وإشاعة الحب والسلام .