بقلم: د. كمال فتاح حيدر …
شهدت الممرات الملاحية لمضيق هرمز تحركات تعبوية غير مسبوقة لقوارب حربية أمريكية غير مأهولة (مسيرة). . فعلى الرغم من حساسية الملاحة في هذا الممر الحيوية المزدحم بالسفن، كان الزورق الحربي (MAST-13) يتحرك قبل بضعة أشهر بمنتهى المرونة. وهو زورق سريع طوله 13 متراً (41 قدماً). يحمل أجهزة استشعار وكاميرات للرصد والمراقبة، ومنظومات للتحكم عن بعد. .
قبل بضعة اشهر أيضاً نفذت البحرية الأوكرانية هجمات فاشلة ضد سفينة الاستطلاع الروسية إيفان خورس (Ivan Khurs) التابعة لأسطول البحر الأسود بثلاثة زوارق سريعة غير مأهولة. .
فبصرف النظر عن فشل الهجمات من عدمها، يمكننا القول: أن الهجمات الاوكرانية المتكررة بإستخدام الزوارق السريعة غير المأهولة تركت تداعياتها المباشرة على طبيعة الغارات البحرية المتبادلة، وعلى الأمن البحري في البحر الأسود. خصوصا بعد ان اثبتت القوارب المسيرة فاعليتها على أرض الواقع، وبدأت تنتشر بشكل أوسع من ذي قبل، وتجاوزت تحديدات الخطط التقليدية، ففرضت تغييرات جديدة في استراتيجيات الدفاع البحري. في تطور مشهود يحظى باهتمام قيادات الاساطيل الحربية حول العالم. آخذين بعين الاعتبار ان بعض الإدعاءات يكتنفها الغموض في ظل البيانات الحربية المتضاربة، لكنها تعكس مؤشرات القفزات النوعية المتطورة وآثارها المباشرة على قواعد الحرب البحرية التقليدية، ودور الذكاء الاصطناعي والأنظمة غير المأهولة، والمخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها التوتر الجيوسياسي في البحار والمحيطات. والدليل على ذلك ان السفن الحربية الروسية تصدت هذا الأسبوع لهجمات مكثفة قامت بها مجموعة من القوارب الاوكرانية المسيرة (عالية السرعة) ضد السفينة الروسية (Priazovye). ونجحت في تدمير القوارب الاوكرانية بالكامل. مؤكدة في الوقت نفسه على خطورة هذا النوع من الزوارق المسيرة، وبخاصة الهجمات التي استهدفت ميناء (سيفاستوبول)، وهو المقر الرئيس لأسطول روسيا في البحر الأسود. .
من المفيد ان نذكر ان هجمات القوارب الاوكرانية المسيرة كانت مدعومة بسرب من طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار من طراز RQ-4 Global Hawk. وهذا يعني ان الهجوم كان مدعوماً بمنظومات الذكاء الاصطناعي، لكنه باء بالفشل على يد القوات الروسية التي يبدو انها كانت على علم مسبق بالهجوم. .
في ضوء ما تقدم لابد للاساطيل الحربية التقليدية من إعادة حساباتها بعد ان أصبحت القوارب والزوارق والطائرات غير مأهولة، ومزودة باجهزة استشعار، وتتحرك بسرعات تفوق التصور. وبكثافة عددية قادرة على التوغل في البحر والاقتراب من الخطوط الساحلية وتنفيذ المهمات القتالية الصعبة بلا خسائر بالأرواح. .