بقلم: د. مظهر محمد صالح ..
التضحية هي البذل والعطاء لبلوغ اول المباديء الانسانية السامية دون مقابل ، فالمقابل هو المجد عبر دفتر التاريخ الناطق ، و تظل دواليب الفكر تقلبه اندفاعاً نحو المقدمة دون توقف و يقطر نقاءً اسمه التضحية . تحفظ التضحيات في اخاديد حفرت باظافرها السامية مسارات الاصلاح على بوابات التاريخ البشري . و يبقى الاصلاح بحاجة الى عتلة او رافعة ديناميكية تعمل عبر الزمن مصدرها النفس المضحية . جاء سبط رسول الله عليه السلام ليرسم بدمه الطاهر طريق الاصلاح حتى يسير على هديه المصلحون عبر الزمن ويتساقط على جانبيه الافاقون ممن تلفظهم طهارة الرؤية في البذل والعطاء من دون الاخذ .
لم اجد ابلغ من رسالة الحرية التي طبعت بارجلها سيدة قروية كبيرة السن وهي في عقدنا الثامن بعد ان قطعت اياماً وليالي مشياً على قدميها متسلقةً الارض من جنوب العراق نحو المزار الشريف ، وهي تكابد العطش والجوع وترتوي بدموعها على ماحل بآل محمد من قتل وبطش وظلم في واقعة الطف . فقد وجدت تلك السيدة المؤمنة الزمان والمكان المناسبين لتحاكي محراب الفطرة البشرية السليمة بعدالة القضية وانسانيتها لقاء الظلم والتنكيل والكفر والفساد في واقعة نادرة في التاريخ البشري اختصت آل محمد الاطهار قتلاً وتجسدت بشخصية ملائكية هي الحسين عليه السلام جذع النبوة واصولها في العقيدة .
فقد اكدت تلك السيدة الطاعنة في السن في عطشها ودموعها ان شيئاً ما لايصدق من افعال الهمجية قد حصلت في واقعة كربلاء ،اختلط فيها العطش بالبطش والجوع بالدم الزكي بفعل حراب ظلت رؤسها مخضبة باحقاد جاهلية حملت منذ ظهور النبوة.
ختاما ، يبقى العطاء هو المبدا السامي الاول في التضحية. فاكثر الناس تضحية اعظمهم تاثيرا في ولادة امة يبقى ديدنها العطاء وطريقها الإصلاح وهي ترسم مبادئها على جدران الحاضر القوية حتى يقراءها المستقبل .