بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
على الرغم من انه المحيط الأوسع والأعمق و الأهدأ. لكن مسطحاته وتشعباته شهدت هذا الشهر مناورات حربية بالذخيرة الحية، شاركت فيها الأساطيل الجبارة بسفنها وبوارجها وفرقاطاتها وغواصاتها وزوارقها الصاروخية ومدمراتها وطوربيداتها ومنظوماتها الذكية. .
الباعث على الخوف والقلق ان المناورات الحربية تقودها كتلتان متخاصمتان، وفي توقيتات متزامنة ومتوازية وفي أماكن متقاربة . .
- الكتلة الدولية الأولى تقودها الولايات المتحدة بمشاركة اليابان واستراليا وبعض الموالين لهما. .
- الكتلة الثانية وتقودها روسيا والصين. .
لكننا وقبل الخوض في صلب الموضوع لابد من الإشارة إلى المفارقات التاريخية والسياسية اللافتة للنظر. فاليابان التي شنت أشرس غاراتها الجوية ضد الأسطول الأمريكي في معركة بيرل هاربر عام 1941، والتي قصفتها الولايات المتحدة بقنابلها الذرية، فدمرت مدنها في هيروشيما وناغازاكي. هي التي تناست مآسيها القديمة، وتجاهلت جراحها النازفة، وهي التي اختارت الآن الوقوف مع الولايات المتحدة في المناورات البحرية المشتركة التي تهدد بها روسيا والصين. . .
على اية حال سوف يقتصر حديثنا هنا عن مشاركة الاسطول الحربي الصيني الذي انضم إلى القوات البحرية والجوية الروسية في بحر اليابان للاشتراك في مناورات تهدف إلى حماية أمن الممرات المائية الاستراتيجية. .
حملت المناورات هذة المرة اسم: التفاعل الشمالي لعام 2023 (Northern Interaction 2023)، وكان الأسطول الصيني يتألف في بداية الأمر من خمس سفن حربية، وأربع طائرات هليكوبتر محمولة على متن سفن غادرت ميناء تشينغداو الشرقي، والتحقت بالقوات الروسية في منطقة محددة سلفاً. اما اقوى السفن الحربية الروسية فكانت السفينة (Gromkiy)، والسفينة (Sovershenniy) وسفن أخرى بدأت مناوراتها في وقت سابق من هذا الشهر مع البحرية الصينية في شنغهاي لتنسيق تحركات التشكيلات والاتصالات والإنقاذ البحري. .
وقد أعلنت الصين قبل بضعة أيام أنها أرسلت سفنها الحربية لمواصلة التدريبات المشتركة مع القوات البحرية الروسية، في إشارة إلى دعمها لها في معاركها ضد النيتو فوق الأرض الاوكرانية. تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تدعي فيه الصين أنها محايدة في الصراع، لكنها تتهم الولايات المتحدة وحلفائها باستفزاز روسيا، وهي الآن ترتبط بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية وتجارية قوية مع موسكو. .
وفي هذا السياق ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا): أن المناورات الحربية القادمة سوف تشمل أكثر من 10 سفن وأكثر من 30 طائرة. .
اغلب الظن أنها ستجرى في مناطق منتخبة من بحر اليابان في الأيام المقبلة. .
لقد دعمت الصين روسيا بشكل موثوق في معارضة إدانة الولايات المتحدة للحرب الاوكرانية في المحافل الدولية، لكنها تقول: إنها لن تقدم أسلحة لأي من طرفي الحرب. في حين قالت وزارة الدفاع الصينية في بيان صحفي قبل بضعة أيام: إن السفن الصينية سوف تشترك مع نظيراتها الروسية. وذكرت التقارير ان الفرقاطات الصينية المتقدمة Zaozhuang و Rizhao وسفينة الإمداد (تايهو) الآن تشارك بالمناورات. .
وسوف نستكمل حديثنا عن مناورات الطرف الآخر في مقالة لاحقة. .