بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
الموت ليس أكبر مصائبنا، فالمصيبة الكبرى ان حقوقنا كلها سُلبت ونحن على قيد الحياة، ولا قيمة لنا هنا أو هناك في ظل هذه المهازل المتوالية. .
مئات القتلى والجرحى يتساقطون كل يوم في أكبر مجزرة معاصرة تجري أحداثها المؤلمة الآن على مسافة قريبة جداً من الملعب الذي اقامت فيه الاردن احتفالاتها الكروية انطلاقاً من هذا اليوم الجمعة الموافق 13 / 10 / 2023 تشاركهم فيها المنتخبات الكروية لكل من: الأردن وقطر والعراق بالإضافة إلى إيران. ولا أدري كيف يستطيعون الاستمتاع باللعب واللهو واخوانهم يُذبخون أمام أعينهم بدم بارد ؟. وكيف اقتنعت دولة الوصاية الهاشمية بإقامة الأعراس الكروية بين مخيمات الأحزان، وفوق مجالس العزاء المقامة الآن على أرواح الشهداء والجرحى ؟. وكيف سيكون منظر الجمهور الذي سيصفق ويزغرد ويتراقص ويبتهج فرحاً في الوقت الذي تنهال فيه حمم النيران فوق رؤوس أشقاءهم ؟. وكيف ارتضت الفرق الاخرى المشاركة بهذه المهزلة بالتزامن مع الفاجعة ؟. فالرياضة أخلاق ومواقف إنسانية وسياسية قبل ان تكون لعبة للترفيه والتسلية. فهل من الأخلاق ان تراوغ بكرتك وسط الاحياء والقرى المنكوبة ؟. ألا تعلمون ان الفرق الرياضة في اسبانيا وقفت حداداً على أرواح ضحايا الزلزال في تركيا ؟، وان المتفرجين وقفوا في البرازيل دقيقة صمت ألماً على ضحايا السيول والفيضانات في ليبيا وتضامناً معهم ؟. بينما تتراقصون أنتم فرحاً ونشوة فوق مآسي اشقائكم.
ألا تعلمون ان اوروبا كلها اتشحت بالسواد على أرواح الاسرائيليين وحدهم ؟، ولم تعبء أو تكترث بأرواح اخوانكم الفلسطينيين، وأُطفأت فرنسا أنوار برج ايفيل للتعبير عن مواساتها لتل ابيب، بينما تواصلون العابكم وافراحكم واحتفالاتكم. .
لا فرق بينكم وبين قطعان الماعز التي تواصل اجترارها البرسيم أمام سكين الجزار وهي تفتك بإحداها. لو كانت هذه المهزلة الكروية مقامة في كوريا أو المكسيك لما تكلمنا بهذه الطريقة، لكنها مقامة بجوار مدينة تنتمي إليكم وترتبط بكم بروابط الدين والدم والتاريخ والمصير المشترك. فهل بلغت بكم التفاهة وقلة الأدب إلى هذا المستوى من النذالة والخذلان ؟. فلا الزمان ولا المكان يبيح لكم الاستخفاف بمشاعرنا والتلاعب بأعصابنا. .
أمركم غريب يا ملك (قلاية البندورة) تفتح قواعدك الحربية للامريكان، وتقيم احتفالاتك الكروية في قلب المجزرة، ثم تزعم انك المكلف بالوصاية على القدس وأهلها ؟. هل فقدت عقلك، وفقدت مروءتك، وفقدت عروبتك، وفقدت إنسانيتك أيها الملك ؟. .