بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حاول ان تتخيل وقوع هذه الحوادث في أماكن بعيدة عن الشرق الأوسط، وحاول ان تتخيل كيف ستكون ردود الأفعال على الصعيد الاجتماعي والسياسي، وتخيل أيضاً حملات مضخاتهم الإعلامية في النشر والترويج والتضخيم والمبالغة. .
- تخيل لو ان روسيا فرضت الحصار البري والبحري والجوي على أوكرانيا وأغلقت منافذها، وحرمتها من الغذاء والدواء وقطعت عنها الكهرباء ومنعتها من استيراد الوقود. .
- تخيل لو ان الافران والمخابز في السويد تعرضت للهجوم المتعمد بالقاذفات، وأصبح من المتعذر على السويديين الحصول على كسرة خبز. .
- تخيل لو ان الصين طلبت من بلدية باريس إخلاء المستشفيات من المرضى والجرحى، وهددت بقصفها بالصواريخ، ثم قصفتها بالفعل وقلبت عاليها سافلها، وقتلت كل من فيها. .
- تخيل لو ان الطائرات الحربية دمرت 178000 وحدة سكنية مكتظة بالناس وحولتها إلى ركام ورماد بمن فيها بذريعة مطاردة الإرهابيين والقضاء عليهم. .
- تخيل لو ان طائرة مسيرة كانت تطارد عربة اسعاف في شوارع هيوستن وتقتل طاقمها الطبي بذريعة تجاوز حدود السرعة الآمنة. .
- تخيل لو ان سياسة احدى البلدان الاوروبية تقضي بتدمير منزلك وارغامك على الهجرة لمجرد معارضتك للسلطة الحاكمة. .
- تخيل منظر الناس وهم يتجمعون لساعات امام خزان صغير للمياه لكي يحصلوا على شربة ماء يطفئون بها ظمأهم. .
- تخيل لو ان قريتك الصغيرة تتعرض لهجوم صاروخي كاسح تشنه عليها اعتي واقوى جيوش العالم. .
لقد وقعت هذه المجازر المروعة والحوادث المأساوية كلها في فلسطين. .
عليك فقط ان تفتح عينك، وتحكم ضميرك، وتنظر بتجرد لهذه الصورة الواقعية المؤلمة وتتفاعل مع ما يجري منذ اسبوعين في قطاع غزة. والله لو وقعت هذه الكوارث الإنسانية في أوروبا لتسببت بغضب عارم، ولو كان العالم عادلا لطالب بمحاكمة جو بايدن ونتنياهو بجرائم الحرب لأنهم تسببوا بقتل اكثر من 8000 واصابة 21000 انسان من المدنيين حتى الآن. 73% منهم من الاطفال والنساء، و 2050 جريح، ونزوح 1800000 مدني من ديارهم، آخذين بعين الاعتبار ان محكمة العدل الدولي تقضي بالاقتصاص من اي مجرم يتسبب بقتل المدنيين . .
عربيا: تفجرت الصحف بالانفعال والغضب ضد الإعلامي (جورج قرداحي) لأنه ابدى وجهة نظره في الحرب اليمنية، فهددت العواصم العربية بسحب سفراءها من لبنان، ولم بهدأ غصبهم إلا باعفائه من منصبه، لكنهم لم يكترثوا بشلالات الدم المسفوح في غزة. ولم يعترضوا على تدخل امريكا في الشأن الفلسطيني. .
قمة الوجع عندما تضطر لرسم صورة الحدث لشخص اعمى، وتتحدث عن المصيبة لشخص أصم، وتكتب معاناتك لشخص لا يجيد القراءة، أو لا يريد ان يقرأ. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين