بقلم: هادي جلو مرعي ..
فرق بين أن يتم إحترام المكونات الدينية والقومية، وتمكينها في مؤسسات إدارة الدولة، وضمان حقوقها حتى لو تطلب الأمر ضمان حصص عادلة في توزيع المناصب في المؤسسات الحكومية، وبين أن تكون المحاصصة أداة بيد أحزاب تغادر دائرة الدفاع عن مصالح المجموعة العرقية والدينية، الى دائرة المنفعة الحزبية الخاصة المرتبطة بكيان شخصي وفئوي ضيق لايعترف ولايهتم ببقية الشعب ومكوناته التي هي ليست مذهبين، وليست قوميتين، بل أكثر بكثير من ذلك لتعدد المذاهب والطوائف والأعراق، وحتى الإنتماء لأفكار فلسفية وسياسية وإجتماعية تتطلب دولة عادلة لاتميز بين مواطنيها على أساس الإنتماء، لأن الدولة الطبيعية هي التي تسهر على حماية مصالح الشعب دون العودة الى المسميات مهما كان حجمها وتأثيرها عددا وعدة ونفوذا، بل المؤمل هو التأكيد على مصالح الأفراد والجماعات الذين لايجدون الكثير من الفرص في الحياة، وهم أولى بالرعاية والإهتمام.
دفع العراقيون ثمنا باهظا ولسنوات نتيجة الإدارة السيئة التي طبعها عامل الطمع والمكاسب الضيقة، وصار الطموح مرتبطا بالحاجة لدفع الموالين والمتحزبين في مؤسسات لايفقهون في إدارتها شيئا، والمهم إنهم وكلاء لأحزابهم في تلك المناصب يمثلون مصالحها فقط، بينما يتم تحييد العناصر الناجحة التي وإن كان بعضها موجودا في بنية الحزب، لكنه غير مسموح له أن يتمرد، أو يستقل برأيه، أو يعمل في إطار مهنيته لاحزبيته، وهذا ينسحب على ترشيح الأشخاص كسفراء، فنجد أن كل جهة تضغط، ثم تقدم مرشحها ليكون سفيرا في دولة ما من دول العالم، ويكون هذا السفير ممثلا وساهرا على مصالح بلده في تلك الدولة، اويعمل على تنفيذ أجندة واضحة في السياسة الخارجية. لكننا وجدنا أن التقليد السائد هو أن يكون السفير ممثلا لحزبه أكثر من بلده، ومنحازا لسياسة الجهة الداعمة، وليس لسياسة الحكومة، وبالتالي فلابد من لجنة عليا تضم خبراء في السياسة لإختيار السفراء وفقا لمعايير الكفاءة والقدرة والفهم والنضج الفكري والوطني بعيدا عن النزعة الطائفية والقومية الضيقة التي تضيق معها مساحة التفاؤل بوطن يعبر الى المستقبل، ولايعود الى الماضي.