بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اهتزت قناعاتنا بكل المنظمات الدولية بعد المجزرة التي ارتكبتها اسرائيل عصر هذا اليوم ضد قافلة من سيارات الاسعاف كانت في طريقها إلى جمهورية مصر العربية عن طريق معبر رفح، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصليب الاحمر، ووزارات الصحة في فلسطين ومصر، وبعض الأطراف الدولية الوسيطة، فاستهدفتهم الطائرات في ثلاث غارات متعاقبة، اصابوا بها بعض السيارات وقتلوا من فيها، وعادت بعض السيارات إلى مستشفى الشفاء في غزة، فلاحقتهم الطائرات للمرة الرابعة وقتلتهم جميعا في محيط المستشفى، وتركتهم يسبحون بدمائهم أمام أنظار عدسات المراسلين. .
حرب معلنة ضد المدنيين الابرياء الذين فقدوا منازلهم، وضد الذين جاءوا لتلقي العلاج في المستشفى، فتساقطت القنابل فوق رؤوسهم، ومزقت الشظايا اجسادهم المنهكة، ثم قضت عليهم بلا رحمة. .
لا أحد يحرك ساكنا في الدفاع عن سكان غزة. لا العرب. ولا المسلمين. ولا منظمات حقوق الإنسان. ولا مجلس الأمن. ولا هيئة الأمم المتحدة. ولا أحد يستطيع انتقاد جرائم اسرائيل ضد الصغار والكبار، ولا أحد يردعها ويمنعها من التمادي في وحشيتها وهمجيتها. فالمنظر الذي عرضته الفضائيات عصر هذا اليوم الجمعة الموافق 3 / 11 / 2023 لا يصدقه العقل، ولا مثيل له حتى في الافلام وحتى في عالم الخيال. . حصار من هنا. وبيوت مهدمة هناك. ومصالح معطلة في كل مكان، ومستشفيات مستهدفة، وسيارات اسعاف معطوبة. .
العالم الغربي كله يدعم اسرائيل بقوة، ويؤازرها في ارتكاب ما يحلو لها من المجازر بذريعة (حق الدفاع عن النفس). بينما تكفلت الابواق الاعلامية العربية والاجنبية بتبرير انتهاكاتها المتكررة. .
برك من الدماء موزعة في كل شارع. وأشلاء بشرية مقطعة ومبعثرة في الساحات وفوق الارصفة، حتى السلطة الفلسطينية المعنية بالامر توارت عن الانظار، ولم تتدخل ولم تهرع لحماية المدنيين. .
لا مكان في نفوس العرب بعد الان لمنظمة الجامعة العربية، ولا لمنظمة التعاون الاسلامي، ولا لأي منظمة من منظمات المجتمع المدني. فقد ظهر زيفهم، وبان ضعفهم أمام الطغيان الصهيونى، الذي داس على كل الاعراف والقوانين الانسانية. .
حتى في الحرب العالمية الثانية لم يُمنع الناس من شرب الماء، ولم يُحرموا من الغذاء، ولم تقصف مستشفياتهم. .
اللافت للنظر انهم قصفوا بعد هذه الغارة محيط المستشفى الاندونيسي، واستهدفوا مستشفى آخر في بيت لاهيا. .
الناس محاصرون الآن خلف اسوار غزة، حيث لا مفر من القصف المحموم الذي يلاحقهم في كل ركن وفي كل زاوية. .
يواصل جيش الاحتلال الآن خطته بقتل المدنيين، وتشريدهم من بيوتهم. لا يوجد مكان آمن. ولا يوجد ملاذ يحتمون به. ولا كرامة للشيوخ والمرضى وحديثي الولادة. الكل في نظر اسرائيل عبارة عن أهداف متحركة مرشحة للموت في اي لحظة. جمع غفير من الاطباء والطواقم الطبية يتساقطون كل يوم داخل الردهات العلاجية. .
الطائرات الاسرائيلية تحوم في الأجواء، وتفتح نيرانها على مداخل المستشفيات ومخارجها، بينما انفردت بعض الطائرات الاسرائيلية بمطاردة قوافل سيارات الاسعاف المتوجهة صوب معبر رفح، ومن دون أي اعتبار للاتفاقات المسبقة بالتنسيق مع الصليب الاحمر ومنظمة الصحة الدولية والحكومة المصرية. .
بات واضحا ان جيش الاحتلال يرتكب هذه المجازر مع سبق الاصرار والترصد وفي استخفاف صريح بالاعراف والقيم الانسانية. حيث لا حصانة هنا للمستشفيات ولا قيمة للبشر، ومن المحتمل ان يرتكب جيش الاحتلال المزيد من المجازر، وفي كل مرة يجد من يدافع عنه ويبرر مواقفه. .