بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ان تسمية وعاظ السلاطين بالمشايخ كتسمية الخمر بالمشروبات الروحية. لأن الصادقين من أهل الورع والتقوى لا يضعون فتاواهم في خدمة تحركات حلف النيتو، ولا يجعلونها متناغمة مع توجهات البيت الأبيض، ولا يتلونون حسب أهواء وإملاءات أصحاب النفوذ والسلطان، ولا يرتبطون بأجهزة الاستخبارات المحلية والإقليمية والدولية، ولا تتبدل فتاواهم بتبدل المواقف السياسية. .
أغرب ما انتجته لنا معامل التناقضات العربية هو هذا الكم الهائل من مشايخ الاهواء المتقلبة، الذين ينطبق عليهم القول: إذا الريح مالت مال حيث تميل. ولابد من التذكير هنا بالذين افتوا للايطالي موسليني بقتل شيخ المجاهدين عمر المختار. ومنهم من أفتى بعدم الخروج على الحاكم حتى إذا زنا وشرب الخمر، وحتى لو ظهر عارياً في بث مباشر على شاشة التلفاز. .
وتذكرون أيضاً كيف استجابوا لقرار امريكا بافتعال الحرب الدينية ضد الاحتلال السوفيتي لافغانستان، وكيف كانوا وراء نشأة التنظيمات المسلحة في جبال كابل وتورا بورا، وكيف تعالت صيحاتهم في المساجد لنصرة الدواعش، وكانوا في طليعة المؤيدين للعمليات الانتحارية في المدن العربية، وظهرت علينا جماعات من المحرضين للفوضى الدموية في عموم البلاد العربية. لكنهم لم يطلقوا فتوى واحدة ضد الكيان المحتل، وما ان تفجرت الاوضاع في غزة، وارتفعت المطالبات الشعبية بمقاطعة منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل حتى عاد المهرجون من جديد لرفض صيحات المقاطعة، ورفض الخروج في مظاهرات مناصرة لغزة، او مناصرة للمقاومة، واللافت للنظر انهم لم يترحموا على شهداء غزة، ولم يتضامنوا مع الاسر المنكوبة والمفجوعة. ذلك انهم كانوا يعملون في خدمة الاجندات السياسية المؤيدة للحشود الامريكية والفرنسية التي جاءت باساطيلها وحاملات لتعزيز الحصار على غزة. .
عرضت المواقع المنصفة يوم امس صورة لفتاة فلسطينية تحتضن اختها الرضيعة وتدعمها بالاوكسجين وتضحي بنفسها لانقاذ اختها وبقاءها على قيد الحياة. وذلك في الوقت الذي كان فيه شيوخ الحرم المكي وعلى رأسهم الكلباني يفتتحون مدينة للالعاب المائية ويمارسون الزحليقة مثل الصغار، من دون ان يطلقوا حرفا واحدا لمواساة اهلنا في غزة. . .