بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لو عدنا إلى القرن الماضي، وتوقفنا عند العام 1977. العام الذي اجتمع فيه وزراء دفاع حلف النيتو في روما. سنكتشف ان وزير الدفاع الأمريكي وقتذاك (روبرت مكنمارا) كان اكثرهم صراحة في تلخيص شعارات تحالفهم الحربي الذي جاءت ولادته من رحم التنظيمات الدموية القائمة على توجهات الصهيونية العالمية وأهدافها المعلنة والمخفية. .
في ذلك العام، وفي ذلك الاجتماع بالذات قال مكنمارا: (ينبغي ان نكرس جهودنا منذ الآن نحو تحقيق اهدافنا الجوهرية المتمثلة بنشر الأمراض، وتوسيع رقعة الفقر، وتجويع شعوب العالم الثالث)، وهو هنا يقصد تجويع الشعوب الأفريقية والآسيوية واللاتينية. .
بمعنى آخر انهم كانوا يخططون لتخفيض تعداد سكان كوكب الارض، واختزالهم بمليار واحد فقط، هو المليار الذهبي، الذي يتألف من 500 مليون أوروبي واسترالي، و 500 مليون في قارة امريكا الشمالية فقط لا غير. وتصبح ثروات أفريقيا كلها وثروات آسيا كلها تحت تصرف هذا المليار الملكي المدلل. .
هكذا يفكرون، وهكذا يخططون، وهكذا ينظرون إلى المستقبل. وهذه هي العقيدة الشيطانيّة التي تقف وراءها الصهيونية، التي لا علاقة لها بتعاليم التوراة. فالصهيونية عبارة عن كيان ارهابي يتألف من اليهود المتطرفين ومن اعضاء الكنيسة الإنجيلية المتطرفة، التي لا علاقة لها بالديانة المسيحية (لا من بعيد ولا من قريب). .
وبالتالي فان حملات الإبادة الجماعية التي يجري تنفيذها في قطاع غزة هي فصل معلن من فصول تلك الأهداف التي تحدث عنها مكنمارا عام 1977. .
انظروا الآن كيف تزامنت الحملات الصاروخية ضد غزة مع الإجراءات التعسفية التي فرضها السيسي في معبر رفح، عندما قرر حرمان الفلسطينيين من الغذاء والدواء والماء والوقود. وتزامنت أيضاً مع المهمة المكلف بها ملك الأردن والتي لا تختلف كثيرا عن مهمة السيسي. وانظروا كيف تحولت الأرض الأردنية إلى ساحة مفتوحة للقواعد الأمريكية والأوروبية لتشكل قوة صهيونية ضاربة تهدد سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتنذر بوقوع كوارث بشرية يصعب التكهن ببشاعتها. فقد تكاثرت هذه القواعد في هذا المكان لكي تدعم المخطط الاستيطاني التوسعي لصالح إسرائيل من النيل إلى الفرات. .
ثم انظروا إلى الحروب والاشتباكات التي تورطت بها البلاد العربية منذ عام 1980 وحتى يومنا هذا، ابتداء من حرب الخليج الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، والعشرية السوداء في الجزائر، والانقسامات والانقلابات والصراعات الداخلية في عموم البلدان العربية، وكيف خرجت تنظيمات الدواعش من القمقم الأمريكي لتنطلق اولاً نحو العراق من القاعدة T22 في الأردن، ثم تقفز شرارتها إلى سيناء نحو بلدان المغرب العربي على يد هيلاري كلنتون وبعلم باراك أوباما. .
شيء آخر: كل ما يعرضه لك التلفاز هذه الايام، وكل ما سيعرضه لك في الايام القادمة من معارك وغارات واشتباكات وكوارث ونكبات هو صورة حية لمخططات مدروسة ومعدة مسبقاً منذ سنوات لتحرق الأخضر واليابس. لكن مخططاتهم سوف تبوء بالفشل الذريع. فالكون له رب يحميه، ويتعين على كل إنسان ان يتذكر قوله جل شأنه: ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)). .