بقلم : كمال فتاح حيدر ..
كنا نتساءل في العام الماضي عن الطريقة التي يفكر بها الدكتور عبدالله النفيسي ؟. اما الآن، وبعدما تشظت تغريداته في فضاءاتنا الملبدة بالمآسي والأحزان، حتى فقدت أصداءها تماماً، يحق لنا ان نتساءل عن الطريقة التي يتنفس بها بعد إعلانه الجهاد بالتغريدات فقط لفك الحصار عن غزة، ومحاولاته النضالية لرفع الظلم عن المظلومين بالكلمات. لكنه بدلا من ان يطلق مدافعه الورقية على إسرائيل، صار يسددها تارة صوب تركيا وتارة صوب ايران. حتى تمحورت اهتماماته مؤخراً في تشويه صورة الدولتين الداعمتين للمقاومة (والدعم هنا مختلف بين الدولتين). .
قبل بضعة أسابيع كان النفيسي يسخر من تهديدات إيران بالرد على إسرائيل ويستخف بها، وما أن جاء الرد حتى كتب تغريدة قال فيها: (ان هجوم إيران على إسرائيل تسبب في صرف أنظار العالم عن غزة، وانقذ حكومة نتنياهو التي كانت على شفير السقوط). .
وكان يدعو قبلها إلى ضرورة استقواء البلدان الخليجية بتركيا ضد إيران، فيما يتعلق بالخلاف حول حقل الدرة. فقال في تغريدة: (تدرك إيران ضعف دول التعاون حال المواجهة في حقل الدرة، ودرس القصف الحوثي ليس ببعيد. وتدرك إيران انشغال النيتو عن الخليج في حرب أوكرانيا وملف الصين). وأضاف: (حتى لا تستفرد بنا إيران، فالخيار الإستراتيجي المتاح أمام دول التعاون هو الاستقواء بتركيا عبر مشروع استثماري مشترك في الدرة). .
لكن النفيسي نفسه شن هجومه على تركيا التي يستقوي بها، فكتب تغريدة قال فيها: (نطالب رجب طيب أردوغان بغلق مصنع لوك هيد مارتن حتى لا يصنع الصواريخ التي تقتل أهل غزه)، فأثار ضجة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية. . وبات واضحاً انه استند على اتفاقية بالية يعود تاريخها إلى 1997، أي العام الذي أسقط فيه العسكر حكومة أربكان. .
مشكلة النفيسي انه يعتمد على موقع ويكيبيديا، الذي يمكن أن يصل إليه أي مراهق بكل سهولة، وكان يتعين عليه التثبت من صحة معلوماته قبل أن يصب الزيت على النار، وقبل ان يثير كل هذه الضجة، وقبل أن يدفع الناس إلى التشكيك بموقف تركيا من القضية. .
فالنفيسي لا يعلم ان تركيا قررت في سبتمبر 2011 تجميد جميع الاتفاقيات السابقة بعد صدور تقرير الأمم المتحدة حول ما تعرضت له السفينة (مرمرة)، وقامت تركيا بطرد السفير الإسرائيلي، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي إلى أدنى مستوياته. .
يحق للنفيسي ان يبحث عن الشهرة، ويحق له ان يتصدر أفواج المحللين، ولكن ليس بالثرثرة الفارغة، ولا بتأجيج النعرات الطائفية، ولا بتفعيل النزعات القومية. فبدلا من توجيه مدافعه إلى البلدان غير العربية (إيران وتركيا) يتعين عليه ان ينتقد بلدان الطوق العربي (مصر والأردن)، وينتقد خمول الجامعة العربية، ويفضح خيانة السلطة الفلسطينية العميلة، ويحاسبها على دورها الحربي واللوجستي في تعزيز قوة جيش الاحتلال، وان يلفت انتباه العرب والمسلمين إلى معسكر الاشرار الذين فرضوا الحصار على غزة. لكنه للأسف الشديد من اصحاب العقول المشفرة الذين لا ينفع معهم النصح. . .