بقلم: كمال فتاح حيدر ..
فجأة اختفت القاعدة، واختفت معها طالبان وداعش والنصرة وجند الإسلام وجند السماء، وغيرها من الجماعات التكفيرية المسلحة. اختفوا تماماً من نشرات الأخبار، لأن المُحرّض الخفي لا يحتاج إليهم في المسرحية المعروضة الآن في خانيونس وجباليا. .
هل تذكرون عندما قالو لهم: جاهدوا في افغانستان ؟، فلبوا النداء على الفور. ثم قالوا لهم: جاهدوا في الشيشان، فخرجوا زرافات ووحدانا. وقالوا لهم: جاهدوا في البوسنة، فقاتلوا هناك قتال الأبطال، وقالوا لهم: جاهدوا في العراق فتسللوا إلى ارض الرافدين، واشتركوا في تدمير اسواقنا، واحراق مدارسنا، وقتل أبناءنا دونما ذنب. وقالوا لهم: جاهدوا في سوريا، فتسللوا اليها عبر الأردن، ودمروها ومزقوها ونسفوا مدنها. وقالوا لهم جاهدوا في اليمن وفي ليبيا وفي السودان فانتشروا في كل الجبهات. وقالوا لهم اقتلوا الشيخ حسن شحاته، واقتلوا الشيخ محمد سعيد البوطي، فقتلوهم بلا تردد. لكنهم اختفوا تماما عندما حانت ساعة الجهاد في فلسطين. ذلك لأنهم فقدوا نخوتهم، وفقدوا مروءتهم. ثم ان العدو هذه المرة يختلف عن المرات السابقات. فإسرائيل هي المعنية بصناعة تلك الخلايا، وهو التي توجهها وتمولها وتدعمها بالمال والسلاح. .
انظروا الآن كيف تغيرت بوصلة الجهاد العربي، وكيف اصطفت جيوش مصر والأردن خلف جيش الاحتلال، وكيف تكفلت دفاعاتهم بالتصدي للصواريخ القادمة من العراق أو القادمة من اليمن لضرب إسرائيل في العمق. وانظروا كيف هرع الجيش المصري لمطاردة طفل فلسطيني تسلل خلسة إلى سيناء فأوسعوه ضربا وركلاً، وانهالوا عليه بالشتائم واللعنات. لكنهم تراجعوا امام زحف الميركاڤات، ثم جاءتهم الأوامر بإفراغ أسلحتهم من ذخيرتها، فأصبحوا كساعٍ الى الهيجا بغير سلاحِ. قالوا لهم لا تعترضوا طريق اصدقاءنا في تل ابيب حتى لو ضربوكم على رؤوسكم بالجزمة القديمة. .
قال قائل منهم: ان الجيش المصري نفسه ينشغل الآن بخطوط انتاج المعجنات والجمبري منزوع الرأس، وتفقيس البيض، وزراعة الباميا والباذنجان، وتخصيب الذرة البيضاء، وتعليب المخلل والفول المدمس. وسرقة المساعدات المرسلة إلى غزة، واحكام الحصار عليها. .
نُحاصر من أخٍ او من عدوٍ. سنغلب وحدنا وسيندمان. كأن الموت قابلةٌ عجوزٌ تزور الحي من آن لآن. نموت فيكثر الأشراف فينا وتختلط التعازي بالتهاني. .
فلا تصدقونهم بعد الآن عندما يحدثونكم عن النخوة والكرامة. لأنهم فقدوا احترامهم بين الشعوب والامم. ولا تصدقونهم عندما يتفاخرون بالسيادة والوطنية، لأنهم أول من خان الوطن ونهبوا ثرواته. ولا تصدقونهم عندما يحدثونكم عن الورع والتقوى لأنهم يقفون الآن مع ألد أعداء الأديان السماوية. .
والطامة الكبرى ان امير الفاسقين (محمد السادس). ملك المملكة المغربية ارسل 4000 من قواته الخاصة لدعم الخياليم في حربهم على غزة. وكانت له إسهاماته المشهودة في نقل شحنات الذخيرة والأسلحة بحراً وجواً من المغرب إلى إسرائيل منذ بداية الحرب. .
فما الذي تنتظرونه من القيادات والشعوب الذين باعوا شرفهم للكيان الصهيوني، وشيدوا القواعد الغربية فوق أراضيهم، ودفنوا رؤوسهم في الوحل عندما قصفتهم إسرائيل وقتلت أولادهم ؟. .