بقلم: كمال فتاح حيدر ..
وقف الملك بكامل قيافته العسكرية، وبجميع نياشينه وأوسمته الحربية، ممتشقا سيفه الفضي المُرصّع بالفيروز. تُزين أكتافه نجوم وتيجان وأجنحة ودناديش وخراخيش. ثم جرد سيفه من غمده في اليوبيل الأثيوبي لاعتلاءه العرش. والقى كلمة مقتضبة امام لفيف من الملتفين حوله، اختزلها بهذه الجملة: (وكلي فخر أن أكون منكم). قالها بوجه عبوس متجهم، وبصوت مخنوق. صفقوا له، ثم هتفوا بصوت واحد وبلهجة ميكانيكية موروثة: (بالروح بالدم نفديك يا بو حسين). فأعاد سيفك إلى غمده. واستدار إلى الوراء ليغادر المكان على أمل العودة في العام القادم ليكرر الخطاب نفسه. .
لا اذكر انه اشترك في معركة من المعارك، أو في حرب من الحروب. لكنه كان يحمل على صدره من النياشين والأوسمة والميداليات ما لم يحمله الجنرال مونتجمري الذي حُسم له النصر في معركة العلمين على قوات المحور بقيادة ثعلب الصحراء الجنرال إرفن روميل. .
ولا اذكر انه تضامن مع المقاومة في غزة. لا بالمال، ولا بالسلاح، ولا بالذخيرة، لكنه كان ينتهز المناسبات العشائرية في بلاده ليبدي استعداده للذود عن القبائل العراقية المنتشرة غرب الفرات. وكان ماهرا جدا في التصدي للصواريخ القادمة عبر أجواء العراق لضرب المواقع الاسرائيلية، فتبرع له العراق بنفط البصرة. وذلك على الرغم من اشادة قادة اسرائيل بتضامنه وتعاطفه معهم، وتنسيقه المباشر مع قطعانهم داخل الارض المحتلة. .
يمتلك العربان أكبر مستودعات الذخيرة والسلاح، ويخصصون حصة الأسد من ميزانياتهم لتغطية نفقات شراء الصواريخ والطائرات. لكنهم لا يُطلقون رصاصة واحدة إلا صوب صدور أبناءهم. .
لقد استقبلت الأردن 8 طائرات شحن عسكرية ثقيلة من أمريكا وأوروبا لدعم إسرائيل. . وبالتالي فان الحقيقة المرة هي ان الأردن اصبحت اهم محاور الجسور الجوية لأمداد الكيان الصهيوني بالاسلحة الاميركية والغربية في حرب غزة. .
ختاماً: لولا الأزمات لبقينا مخدوعين بالاستعراضات العسكرية، والأناشيد الوطنية الكاذبة، والتصريحات النارية الخاوية، والشعارات الديمقراطية الزائفة. لولا الرياح العاتيات لبقيت الأوراق الصفراء إلى جانب شقيقتها الخضراء على الأشجار تدعي الجمال والثبات. .