بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يحق لنا ان نتساءل عن العراقيين الذين غادروا وظائفهم البحرية بعدما أحيلوا إلى التقاعد، وابدوا استعدادهم لخوض الاشتباكات المباشرة في الدفاع عن مصالحنا المينائية والساحلية والملاحية والتعليمية والنهضوية والتطويرية. .
اين هم الآن ؟، وكيف اختفوا ولم نعد نسمع اصواتهم ؟. فباستثناء الأعداد القليلة من النخبة المنتخبة الذين نتواصل معهم كل يوم وبلا انقطاع، من الذين ظلوا يذودون وحدهم حتى يومنا هذا في كفاح دؤوب ومستمر لضمان عودة العراق إلى القائمة البيضاء. والدفع بقوة نحو المصادقة على الاتفاقيات الدولية، ومساعيهم الوطنية لتحديث قانون الخدمة البحرية المدنية رقم 201 لسنة 1975، وقانون تسجيل السفن رقم 19 لسنة 1942، والقوانين والتشريعات البحرية البالية والمعطلة والمركونة على الرف. وهؤلاء لا يزيد تعدادهم على 15 بين مهندس وربان ومرشد بحري اقدم ومدير عام أصالة، وبعض حملة الدكتوراه من المتخصصين في الحدود البحرية والمياه الإقليمية. لكننا نقف حائرين امام الجموع الغفيرة الذين كانوا يخوضون المعارك النقابية والصراعات المهنية، هل اختفوا تماما ؟، لماذا لم نعد نسمع لهم همسا، ولم نقرأ لهم تعليقا يثلج صدورنا على صفحات مواقع التواصل ؟. ولم تكن لهم أي مواقف احتجاجية ضد المشاريع الوهمية التي دخلت حيز التنفيذ، أو ضد المشاريع الضبابية التي سوف تأخذ طريقها إلى التنفيذ في الايام المقبلة، ولم يعترضوا على مشروع (سوء العاقبة). . حتى المؤسسات البحرية التي لديها الآن أساطيل ونشاطات محدودة في الداخل والخارج اختار خبراؤها الصمت المطبق. .
وردتني رسالة من متفلسف ظل يمارس هواية النقد والتجريح بعد الكأس الخامسة من رحيق العناقيد، رغم انه ترك العمل البحري منذ 30 عاما، أبدى فيها امتعاضه من الحصار البحري الذي فرضه الحوثيون في باب المندب، وهو الذي لم يغادر باب (سليمان) في ابي الخصيب منذ عقود. .
وأدهشتني مذكرة رسمية بعثها احد الخبراء الذين اختارتهم الدولة الذكية لتمثيلها في المنظمات الدولية، يطلب فيها تسديد تكاليف شراء كميات كبيرة من الويسكي مع مستلزمات موائد آخر الليل. فلم يعترض المسؤول المتظاهر بالتدين الشكلي، وأمر بصرف المبلغ كاملا بالعملة الصعبة من بيت مال المسلمين. .
اغرب ما سمعته ان الدولة الذكية اختارت في العام الماضي مستشارا لمشاريعها البحرية من خارج الوسط البحرية العراقي ومن خارج البلد. لم يحتج عليها احد. واختارت التعاقد قبل بضعة أيام مع شركة Oliver Wyman للتشاور في تنفيذ المشاريع التي لها علاقة مباشرة بنشاطاتنا البحرية والمينائية. . اما كيف ؟. ولماذا ؟. وما هي الاسباب والمسببات والدوافع والغايات ؟. فلا احد يعلم. .
ختاما: لا يسعنا إلا نتقدم بالشكر والتقدير الى آخر رجال الموهيكانز، إلى الأبطال السبعة أو العشرة الذين يمثلوننا الآن في الميدان. أما الجموع الغفيرة من الخبراء والعباقرة والفلاسفة الذين اختاروا الوقوف في الزوايا الرمادية، فنقول لهم: (عليه العوض ومنه العوض). .