بقلم : فالح حسون الدراجي ..
لم تتعرض الرياضة العالمية إلى هجمة بربرية فادحة مثل هجمة الرعاع المتخلفين المتربعين على حقول الغاز في الدوحة، ولم يتعرض مضمار (عضوي) لفايروس ما، كما تعرض مضمار كرة القدم العالمية للفايروس القطري الخبيث، الذي لم يدمر جسد اللعبة ويؤذِ بنيتها فحسب، إنما أصاب القيم الرياضية السامية.. وحطم المبادئ الأخلاقية الرفيعة التي كانت سائدة قبل دخول هؤلاء المتخلفين إلى الميدان الرياضي الرحب، والمفتوحة أبوابه لكل من يريد الإبداع والتطور والأخاء الإنساني الكوني .
لكن هؤلاء القطريين لم يفكروا يوماً بتلك القيم النبيلة، ولم يؤمنوا بها، ففاقد الشيء لا يعطيه، لذلك دخلوا باموالهم (الجميلة)، وأخلاقهم (القبيحة)، لا ليستفيدوا ويفيدوا مثل غيرهم من خلق الله، إنما ليخربوا
هذا النشاط الإنساني الجميل، ويفسدوا ذمم نجوم رياضية لامعة كنا نحبها ونحترمها .. ألم يكسروا ( رقبة ) النجم الفرنسي ميشيل بلاتيني، رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، بعد أن ورطوه مع عدد من زعماء الفيفا برشىً يسيل لها اللعاب من أجل التصويت لقطر بتنظيم كاس العالم 2022، لكن الجريمة لن تختفي إلى الأبد، إذ سرعان ما انفضح السر، وانكشف الأمر، وجلجلت فضيحة الصفقة
وانتهى للأسف معبود الفرنسيين (بلاتيني) نهاية بائسة، بعد أن سقط من علياء مجده إلى قاع الذل، وأصبح منبوذاً ومحتقراً لدى الجميع، بل وقبع أيضاً خلف القضبان، وتم استجوابه من قبل المدعي العام والشرطة الفرنسية عدة استجوابات، ولولا تدخلات الرئيس الفرنسي (الفاسد) ساركوزي التي حمت بلاتيني، لكانت مصيبته أكبر من التي انتهى بها المسكين !
-بالمناسبة، فإن الرئيس ساركوزي هو الآخر نال بعضاً من كعكة الرشوة في ملف استضافة قطر لكأس العالم.. إضافة إلى تورط شخصيات رياضية كبيرة في هذا الملف- وطبعاً فإن هذا الكلام ليس مني، إنما تجدونه عبر الوثائق المسربة التي نشرتها الصحف الإنكليزية والفرنسية امثال صحيفة “الغارديان” وصحيفة
الـ (صنداي تايمز) و”تليغراف” و”ديلي ميل”
وصحيفة لوموند الفرنسية، ومجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية أيضاً، وغيرها من الصحف العالمية التي فضحت عار الصفقة بالأسماء والأرقام والصور، وبهذا النشر الخطير تسارعت الأحداث والاعترافات فأطيح برأس رئيس الاتحاد الأوربي ميشال بلاتيني، وتدحرجت رؤوس رياضية وغير رياضية كبيرة أخرى، من بينها رأس رئيس (الفيفا) بلاتر نفسه، بعد أن تأكد تورطه في هذه الجريمة عبر استفادته مرتين، مرة عندما قبض من وكلاء قطر مبلغاً كبيراً جداً، ومرة أخرى – وهي الأغلى والأهم- عندما عقد “صفقة سرية” مع ولي العهد القطري آنذاك – تميم بن حمد- تضمنت بقاءه في منصب رئاسة الفيفا مقابل التصويت لصالح قطر باستضافة بطولة كأس العالم 2022..
وحسب صحيفة صنداي تايمز البريطانية، التي ذكرت أن بلاتر عقد هذه الصفقة مع الدوحة كي يتم إجبار المرشح القطري محمد بن همام على التخلي عن منافسة بلاتر على رئاسة الفيفا عام 2011.. وهذا ما حصل فعلاً، حيث انسحب بن همام من الانتخابات، وفاز بلاتر بالمنصب دون الدخول في أية منافسة.. وبالمقابل، فقد فازت الدوحة بتنظيم كأس العالم 2022 .. !!
لكن بلاتر سقط هو الآخر في نفس الوحل القطري الذي سقط فيه بلاتيني، وخرج من الفيفا يجر أذيال العار بعد أن أمّن فوز قطر بتنظيم كأس العالم متفوقة -بمليارات الرشاوي- على دول كبيرة وشعوب عظيمة، وهي التي لا تساوي عفطة عنز !ً.. كما أطاحت رشى قطر أيضاً برأس عيسى حياتو رئيس الكونفيدرالية الأفريقية لكرة القدم و أطاحت برأس(جاك أنوما) رئيس اتحاد ساحل العاج لكرة القدم، بعد أن قبض كل واحد منهما مبلغ 1.5 مليون دولار من يد بن همام شخصياً، كونهما عضوين في المجلس التنفيذي للفيفا ..!
وبعد نجاح بن همام في تأمين فوز قطر، طلبت منه (قيادة قطر) مغادرة المشهد تماماً، والاختفاء من الصورة الى الأبد، لينتهي الموضوع ويتوقف عند الحدود التي وصلتها الفضيحة ..!
إن الأموال الهائلة التي تجنيها قطر شهرياً من موارد الغاز لم تستثمر لمصلحة الشعب القطري، ولا في مشاريع مفيدة تخدم الأمة بشكل خاص والإنسانية بشكل عام، مثل ما تفعل الكثير من دول العالم المحترمة
، إنما هي تستثمر اموالها في ميادين وساحات عجيبة وغريبة.
فهذه الإمارة الصغيرة تدس انفها في موضوعات أكبر من حجمها مرات ومرات، بل واحياناً تدعم باموالها اعمالاً ارهابية واجرامية، كدعم حركة طالبان المصنفة عالمياً حركة ارهابية، وتنظيم القاعدة، وأيضاً في تمويل العمليات الإنتحارية في العراق وغير العراق..
ولأن مقالنا ليس سياسياً، إنما هدفه رياضي صرف، فإني الفت هنا عناية القراء الكرام إلى ضرورة الاطلاع ولو بشكل بسيط على الدور الخبيث الذي يلعبه المال القطري في تدمير البنى المادية والفنية للأندية الرياضية الاوربية الكبيرة، خصوصاً الدور الذي يقوم به المتخلف ناصر الخليفي، فهذا القادم من اسرة فقيرة كادحة – كان والده صياداً في البحر – والذي لم يمارس في حياته الرياضة، يلتقي بالصدفة قبل اكثر من خمسة عشر عاماً بالفتى تميم بن حمد الذي سيصبح بعد ذلك اميراً لقطر، ويتعارفان في أحد ملاعب التنس، ويصبحان صديقين حميمين، فيمنحه صديقه الأمير منصب رئيس اتحاد التنس القطري، ثم يبتسم له الحظ ابتسامة كبيرة، حين يختاره الأمير تميم ليكون مسؤولاً عن مشروع قطر الخاص (بتدمير الرياضة الاوربية)، وانشاء قاعدة رياضية في اوربا تقوم بهذه المهمة، فكان انشاء نادي باريس سان جيرمان في عام 2011، وتعيين الخليفي رئيساً له !! بعد أن تم شراء النادي بمبلغ 70 مليون يورو، بواسطة (جهاز الاستثمار القطري) كما أنفقت عليه قطر بعد ذلك قرابة مليار و600 مليون يورو كعقود لاعبين كبار – وفقاً لموقع ترانسفير ماركت- وكانت الصفقة الأكثر دوياً في العالم تلك التي تمت عام 2017 بالتعاقد مع النجم البرازيلي نيمار مهاجم برشلونة السابق مقابل 222 مليون يورو، وهي أغلى صفقة انتقال حدثت في تاريخ لعبة كرة القدم.. ولم يكن ثمة هدف من وراء هذه الصفقة سوى اضعاف نادي برشلونة الكبير، وتفتيت قوة ثلاثي الهجوم الكاتلوني ميسي وسواريز ونيمار، وقد نجح الخليفي بذلك، إذ وبمجرد خروج نيمار ضعف خط هجوم برشلونة، بل ولم يقوَ ويتعافَ حتى هذه اللحظة.
ولم يكتف الخليفي المتخلف بخطف نيمار فقط، بل خطف ميسي كذلك، مستغلاً الظروف غير الطبيعية التي حصلت بين ادارة البرشا وميسي والليغا.. كما خطف بملايينه، لاعب البرشا البارع عثمان ديمبلي..
وها هو اليوم يحاول خطف جوهرة برشلونة الفتى (لامين يامال)، عارضاً عليه عقداً قيمته 200 مليون يورو ، وهو الصبي الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره والفقير الذي لم يدخل جيبه الف يورو ..!
ويعود الخليفي إلى خبثه مرة اخرى، فيدخل بقوة المال على صفقة برشلونة الجديدة (نيكو وليامز)، ساعياً الى حرمان برشلونة من جهود وامكانات وموهبة هذا اللاعب الفذ، فهو يعلم جيداً ان وجود (لامين يامال ونيكو وليام وبيدري) سوية، سجعل من فريق البارشا قوة هجومية ضاربة تدمر (الفرق الأخرى) !
وللحق فإن الخليفي لم يستخدم اموال الغاز القطري في تخريب وتمزيق نادي برشلونة فقط، انما فعلها مع عدد غير قليل من الاندية الإيطالية والإنكليزية والفرنسية الكبيرة ايضاً، مثل مانجستر ستي وليفربول وغيرهما.. المشكلة تكمن في ضآلة حجم قطر، والخليفي، (فالصغير) يكره رؤية (الكبار)، لذلك – وهذه عقدة معروفة- تراه يسعى إلى التآمر عليهم عسى أن تسقط وتصغر مثله.. العجيب أن الخليفي لم يحاول يوماً مناطحة ريال مدريد رغم أن النادي الملكي كبير بل وكبير جداً، ورغم ان مدريد ( كفخ) الخليفي عدة ( كفخات) كان آخرها خطف كيليان امبابي منه .
أما لماذا يصمت امام الريال، فيقال والعهدة على القائل، إن (موزة) والدة الأمير تميم ( تحب) وتشجع الفريق الملكي..
لذلك لا يجرؤ هذا الضئيل على محاربة الريال، مادامت (السيدة الوالدة) تشجعه !!