أوهمونا بما ليس فينا!!
التزصيفات السلبية تنهال علينا من كل حدب وصوب , والكثير منها أصبحت فاعلة فينا ومهيمنة على وعينا الجمعي , فنحن رهائن المصطلحات التي إكتسبت سمات المطلق والقدسية!!
هذا الدفق من الكلمات والعبارات السيئة العدوانية العازمة على تقنيط الأمة وتخنيعها ودفعها إلى مهاوي التبعية والإستسلام , يروّج لها العديد من أبناء الآمة ويتمنطقون بها وعلى ضوئها يفسرون ويحللون ويستنتجون , ويبررون ويسوّغون.
وكأن عقول النخب محكومة بما تراه القوى الطامعة بالأمة , وفقا لبرامجها ومشاريعها المرسومة , وأدواتها المدروسة والمعلومة.
أي أن الأمة لا تفكر بعقلها , ولا ترى مصالحها , وإنما تفكر بعقل الآخرين وتؤمّن مصالحهم , وبإرادتها المسلوبة وبطاقات أبنائها المنحرفة المتوطنة في مصطلحات تدميرية.
فالأمة موبوءة بالأوهام والجراثيم الفكرية المبثوثة في أرجائها وعبر أجيالها , ووفقا لآليات التكرار والترسيخ والتدويخ , حتى لتجدها عاجزة عن الإقرار بوجودها الحضاري ودورها الإنساني.
فما فيها راكد في مستنقع خمولها ونوامها المقصود , لكي تدوسها سنابك الأجيال وتسحقها جنازير القرون والدهور , ولتتوهم بأنها عاجزة مستكينة خائبة.
وهو الهدف من ضخها بالمسميات التنكيلية والمصطلحات التدميرية , التي يتسابق نحوها أبناؤها وخصوصا نخبها من الكتاب والمفكرين والمثقفين , وبإندفاعية عمياء , وتبعية خرقاء , فلا يفكرون بقدر ما يستحضرون ويرددون ما يقوله الآخرون عن الأمة , وكما يحلو لهم وصفها وترسيمها في وعيهم.
وهم يعرفون أن إستهداف النخب لا يكلف كثيرا ويصنع قوة فعّالة لتأكيد رؤاهم وتصوراتهم للوصول إلى أهدافهم المنشودة.
والعجيب فيما يحصل أن الشعراء والكتاب والمفكرين والفلاسفة أصبحوا صدَويين (من الصدى) , فيحسبون كل أجنبي أرقى وأفضل , وينكرون أمتهم وما فيها من طاقات وقابليات أصيلة.
فتجدهم لكي يمنحوا ما يبدعونه شهادة التزكية المعرفية , لابد لهم أن يستندوا على مصادر أجنبية , وأن يتواصلوا مع الأجنبي ليحرروا ما ينتجونه من الدونية.
وتلك طعنة حضارية في قلب وجود الأمة , على العقول أن تنتبه إليها وتستفيق من الهذيانات التي تسميها إبداعا , وتتحرر من وهم المسميات والإتهامات الجائرة بحق أمة أضاءت دياجير العصور!!
فهل من يقظة فقد بلغ السيل الزبى ؟!!