بقلم : تيمور الشرهاني ..
في وقت تتصاعد فيه حدة الصراع بين الكيان الغاصب وحزب الله، حرص الأسد على عدم الانجرار إلى تلك الحرب، رغم أن الفضل الأول يعود لحزب الله ببقاء الأسد على هرم السلطة في سوريا. ورغم تعرض بعض المواقع في دمشق إلى ضربات إسرائيلية، لكنه لم يحرك ساكناً ولم يتخذ أي إجراء. بل على مدى عام كامل منذ اندلاع الصراع مع غزة، لم ينبس ببنت شفة. ويرجح الآخرون أن عدم انضمام الأسد إلى الصراع إلى جانب إيران حيث يعود إلى أنه ليس لديه ما يكسبه من التصعيد وأن هناك الكثير ليخسره. لذا وصل الأمر إلى أن الأسد لم يهتم بالأمر ليس فقط مع اجتياح غزة، بل وصل الأمر حتى عندما تعرضت الضاحية وحزب الله للقصف. بل قبل أيام تم توجيه ضربة من قبل إسرائيل إلى مسكن ماهر الأسد، وهذه إشارة له بعدم إرسال أسلحة لحزب الله وضربات أخرى في العمق السوري. ولم يحرك ساكناً. علماً وحسب قناعتي، لو أن جبهة الجولان فتحت من قبل الأسد بنفس قوة وكفاءة جبهة المقاومة في الضاحية، لأضافت تعزيزاً عسكرياً كبيراً لهم. بيد أن اختيار الأسد للعزلة يأتي من أسباب عديدة، منها أنه لديه من المشاكل ما يكفيه. وثانياً، رأي يقول إن الروس هم من ضغطوا وأقنعوا الأسد بعدم التقرب إلى إيران في نزاعها مع إسرائيل والغرب وترك مسافة. والسبب الاخر أن روسيا لا تريد لإسرائيل أن تتدخل إلى جانب أوكرانيا في الحرب الدائرة بينهما، في حال تدخل الأسد إلى جانب إيران، كون روسيا لا تزال تحتفظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل. وتأتي هذه العلاقة من أن اليهود الروس يشكلون ٢٠% من سكان إسرائيل، والسوفيت السابق أول الدول التي اعترفت بالكيان الغاصب. كما تعتبر روسيا ثالث دولة عالمياً من حيث عدد اليهود المتواجدين فيها، حيث يوجد ثمانمائة ألف يهودي فيها. والسبب الأخير يرى بشار أن عودته للجامعة العربية تشكل مكسباً، وكذلك افتتاح السفارة السعودية وعودة العلاقات مكسباً آخر حسب رؤيته. كما لدى بشار قناعة متولدة منذ حكم والده حافظ الأسد بعد حرب تشرين ١٩٧٣ وهزيمة سوريا وفقدان الجولان، اتخذت سوريا طيلة خمسين عاماً قناعة ثابتة بأن لا بمقدور سوريا هزيمة إسرائيل، وتعاملت سوريا مع هذا الأمر وتعايشت معه طيلة هذه الفترة. بل وصل الأمر بأن حافظ الأسد الذي رفض اتفاقية أوسلو وعدم التوقيع عليها عام ١٩٩٣، والتي سميت باتفاقية الأرض مقابل السلام، جاء عدم التوقيع لسبب أن حافظ الأسد طالب بالانسحاب من الجولان وبعدها يتم التطبيع والتوقيع على اتفاقية السلام. الطرف الآخر كذلك أراد التوقيع على السلام والتطبيع، ومن ثم يجري انسحاب تدريجي من الجولان، ففشلت المفاوضات لعدم توفر الثقة بين الطرفين. ثم عاد نادماً ليتباحث مرة أخرى عام ١٩٩٨ للقبول بها، مع أن الاتفاقية كانت مذلة للشعب الفلسطيني، ورفض طلبه إسرائيل.
البراغماتية الأسدية حاضرة سابقاً وحالياً وفي كل وقت، وبيع من وقف إلى جانبه حاضرة أيضاً.