بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لابد ان تعلم بالصغيرة والكبيرة يا دولة رئيس الوزراء (اطال الله في عمرك وسدد خطاك)، لأنك تتبوأ الآن المركز الأعلى في مجلس الوزراء، وتمتاز بنظرتك الاستقصائية الثاقبة، ولديك ذخيرة غنية بالتجارب الإدارية والمواقف القيادية، وعلى اطلاع تام بكل شاردة وواردة. وتعرف الظالم والمظلوم، والمعتدي والمعتدى عليه، وهذا ما جاء في حديثك المتلفز لقناة الحدث عن: (وجود فئات محمية من بعض الجهات السياسية، وتلك الفئات تمتلك الضوء الاخضر للتجاوز على المال العام). .
ثم قلت في مقابلة اخرى: (ان اجراءات مكافحة الفساد تجري برؤى سياسية، وتصفيات إنتقامية، من اجل ازاحة هذا الطرف أو ذاك، ناهيك عن التوجهات الانتقائية في تفعيل ملفات معينة والتغاضي عن ملفات أُخر، وباستطاعتهم ان ينتزعوا 100% من اعترافات مستهدفة، في حين يتعمدون إظهار 10% فقط من اعترافات يراد منها التعتيم والتستر، وهذا ما يجري الآن على ارض الواقع، وهو معروف ومكشوف، وهنالك جهات تتجنب المواجهة، وتختار الصمت حيث لا ضرر ولا ضرار، ولا تريد الكشف عن مواطن الفشل والانحراف حتى لا يكتسحها طوفان التسقيط السياسي، وبالتالي هناك من يستخدم أدوات مكافحة الفساد من اجل تحقيق رغباته بالانتقام والتصفية). .
إلى هنا انتهى حديثك المقتبس من اللقاءات المنشورة على صفحات مواقع التواصل. .
لكنني ومن خلال متابعتي لهذه اللقاءات، واعجابي بما ورد فيها من استنتاجات وطنية صحيحة مؤطرة بالشجاعة والإحساس بالمسؤولية، شعرت انك تتحدث عن شخص بعينه. شخص مظلوم تعرفه تماماً، وتعرف حجم الظلم الذي وقع عليه، وتعرف الفئات التي تسعى للانتقام منه، لكنك لم تسعفه، ولم تقدم له الدعم، ولم تمد له يد العون. . شخص مستقل مستقيم متعفف تجاوز السبعين، لم يسرق ولم ينهب، ولم يقتل نملة، ولم يهدر المال العام، وكان ذلك الشخص زميلك في مجلس الوزراء وزميلك في مجلس النواب، وأنت أدرى من غيرك بالمنغصات والضغوطات التي تعرض لها، بل انت الذي تبرعت بالذود عنه عام 2019 لكي تنتصر للحق وتدحر الباطل، ومع ذلك نسيته وتجاهلته وتغافلت عنه، وتركته فريسة تنهشه ضباع الغدر والتنكيل والإساءة. هذا وانت تعلم ان اكثر ما يؤلم المظلومين ليس قسوة الذين ارتكبوا الظلم، وانما صمت المتفرجين. .
كلنا يعلم ان اشتراك المستقلين في العملية السياسية كان اشبه بمن يدس يده في جحر الأفاعي ليحصل على سمكة. .
سألته ذات يوم. قلت له: ألم تستنجد بصديقك رئيس الوزراء ؟. قال: نعم ارسلت له رسالة موجزة عام 2023 بيد احد الوزراء ووعده خيرا، لكن ظروفي لم تتحسن حتى الآن، بل تدهورت اكثر من ذي قبل. . ثم توقف واخذ نفسا عميقا، وأردف قائلا: أفوض أمري إلى الله. ان الله بصير بالعباد. .
كلمة اخيرة: الأبرياء ينقذهم الله مهما كانت خسائرهم. . .