بقلم: كمال فتاح حيدر ..
خطوة سويدية استباقية تبعث على الريبة والفزع، اقدمت عليها حكومة ستوكهولم منذ بضعة أيام، تمثلت بفتح ملاجئها الحصينة في المدن والأرياف والجبال والوديان، وتوزيع خمسة ملايين نسخة على الصغار والكبار من الكتاب الأصفر استعداداً لحرب باتت وشيكة الوقوع. من دون ان تبين: اين ستقع الحرب ؟، ومتى وكيف تبدأ ؟، ومن هي الأطراف التي سوف تشترك فيها ؟. . ما يبعث على الدهشة ان السويد نفسها ليست لديها خلافات أو نزاعات مع اي طرف. .
يتضمن الكتاب حزمة مكثفة من الإرشادات المعززة بالصور التوضيحية عن كيفية الاستعداد والتعامل مع الظروف القاهرة، وما يترتب عليها من أزمات وتداعيات، وسبل النجاة منها. ويحتوي على قوائم بالمواد التي يجب الاحتفاظ بها في المنزل. مثل: علب الفاصوليا وألواح الطاقة والمعكرونة والأدوية، بما في ذلك أقراص اليود في حال وقوع انفجار نووي. وفي الكتاب تفاصيل عن مصادر المياه والغذاء والأدوية التي قد يحتاجونها في مواجهة المخاطر. .
من ناحية أخرى ترى السويد ان نيران الحرب الروسية الاوكرانية في طريقها إلى التشظي والانتشار، وسوف تحرق الاخضر واليابس، وربما تتطور المواجهات في القارة العجوز إلى استخدام اسلحة التدمير الشامل. .
وعلى السياق نفسه سارعت الحكومة الفنلندية بنشر نصائح وتحذيرات على صفحات منصات التواصل. تضمنت الاستعداد للحوادث والأزمات، وتلقى النرويجيون مؤخراً كتيباً يحثهم على الاستعداد لتقلبات جوية غير مسبوقة وشديدة الخطورة، قد تعصف بالمنطقة بين لحظة وأخرى. آخذين بعين الاعتبار إن تقلبات المناخ والأحداث الجوية الأكثر تطرفًا مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية جلبت مخاطر متزايدة لتلك البلدان.
بينما قالت وكالة الطوارئ الدنماركية إنها ارسلت اكثر من مليوني نسخة من الكتاب الاصفر إلى المواطنين. .
لقد انضمت السويد تواً إلى حلف شمال الأطلسي. في حين كانت النرويج عضواً مؤسساً في ذلك التحالف الدموي الغربي. .
اللافت للنظر اننا في البلدان العربية التي شهدت اعنف الحروب وأطولها وأكثرها ضراوة لم يهتم بنا احد. ولم يوزعوا علينا الكتاب الاصفر ولا الاحمر ولا الرمادي، وكنا هدفا لكل الغارات الجوية وكل أنواع القصف بالقنابل المحظورة من دون ان يفزع لنا احد. .
ختاما: يبدو ان حكومات السويد وفلندا والنرويج والدنمارك لها الحق في الاستعدات لليوم المشؤوم. فقد إنقطعت توصيلات الألياف الضوئية تحت البحر بين ليتوانيا والسويد، وبين فلندا وألمانيا في يوم واحد. وتعطلت مفاعلات محطتي لوفيسا وأولكيلوتو الفلندية في اليوم نفسه، واغلقت النرويج حقل یوهان النفطي الضخم بسبب انقطاع التيار الكهربائي في ذات اليوم، وتقطعت أسلاك الدعم في جسر لوهونسالمي المعلق في فنلندا ما أدى إلى توقف شرايين النقل البري. لقد وقعت هذا الحوادث كلها في يوم واحد فقط. والله يستر من الجايات. .