بقلم : هادي جلو مرعي ..
في حزيران من العام 2014 صدم العالم بتوغل تنظيم داعش الإرهابي في مناطق من العراق، وإرتكب فظاعات بحق السكان في الموصل وصلاح الدين والأنبار وكركوك، وبحث عن سبل الوصول الى بغداد وأربيل، وهنا تغيرت المعادلة تماما حين ظهر دور أكثر فاعلية في المواجهة من قبل قوى متعددة كانت تمارس أدوارا قتالية فيها قدر كبير من الشجاعة والصمود، وتوفرت فرص أكبر للمواجهة، وقلب معادلة الصراع لصالح بغداد وأربيل بمشاركة فاعلة من قوى محلية ودولية، لكن فاعلية الصمود المحلي كانت واضحة، فليس ممكنا تحقيق النصر بمواقف مساندة خارجية مالم تكن هناك شجاعة وتنظيم في الداخل، وهذا ماتوضح في في دور الجيش العراقي وقوات البيشمركة، وبمساندة العشائر، وكل من كان له دور وتأثير، حيث صدرت فتاوى دينية كان لها الأثر في حشد الجمهور نحو سرعة المواجهة، وتغيير وقائع الصراع حيث تشكلت قوة الحشد الشعبي، ومجموعات قتالية متعددة، ولاننسى صمود أبناء الأنبار الشجعان وأهالي الموصل وصلاح الدين وكركوك ليكشفوا للعالم إن هذا التنظيم عابر للحدود، وليس مرتبطا بمكون بعينه، أو بجغرافيا محلية. والدليل إن مناطق السنة في العراق كانت أكثر عرضة لأذاه، وحضوره السلبي والعنيف، ومايزال السنة يدفعون الثمن جراء همجية ذلك التنظيم.
الحديث عن قوات البيشمركة في هذا الصراع ينبغي فيه أن نعود في الذاكرة الى تلك الأيام الصعبة والقاسية، فهذا التشكيل المنظم تمكن من وقف زحف داعش، وتواصل مع قوات التحالف الدولي والقوات الإتحادية، وضرب أمثلة رائعة في القدرة على المواجهة، وفقد العديد من عناصره الذين أستشهدوا في المعارك التي إستمرت لأكثر من ثلاث سنوات، عدا عن الجرحى، حيث تمكنت البشمركة من إستعادة العديد من المناطق التي سيطر عليها التنظيم في حينه في الموصل ومخمور وسد الموصل وسنجار، وفي تصريحات للسيد جبار ياور قائد البشمركة في حينه قال: ان خسائر قوات بيشمركة كوردستان منذ بداية حرب داعش في 2014 وصلت إلى 1720 شهيدا و10729 جريحا إلى جانب 44 مفقودا، ناهيك عن آلاف المفقودين من الإيزيديين والمسيحيين والكورد وغيرهم.
تعني كلمة بشمركة (الرجال الذين يواجهون الموت) وفي توصيف آخر فدائيو الشعب. ولعل تاريخ الكورد في مواجهة التحديات في مناطق مختلفة الجغرافيا التي يعيشون عليها أسهم في ترسيخ قدرات ذاتية وشجاعة فائقة أسهمت الى حد بعيد في تحقيق مكاسب حقيقية إنعكست على وجودهم في جغرافيا شاسعة، وحددت ملامح مستقبل مختلف، ومشاركة سياسية، وتأثير إقتصادي، وبناء للمؤسسات حيث تمثل ذلك في نجاح إقليم كوردستان العراق على صعيد الإقتصاد، والنجاح في بناء السدود والمرافق السياحية والمصانع والمزارع والطرق والجسور والإتصالات والجامعات الحديثة والفنادق ومراكز الأبحاث والدراسات والملاعب الرياضية، وتمكين المرأة، وفي مجال الثقافة ومعارض الكتاب والتعاون الإقتصادي مع دول الجوار والعالم، وتمكن الإقليم من تصدير منتجات، وبضائع مختلفة ومنتجات زراعية الى مختلف البلدان التي ترغب في مثل هذا التعاون.