بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اشعر بالحزن والقلق كلما حاولت لملمة أوراق خارطتنا العربية الممزقة، وكلما تابعت اخبار خسائرنا المتلاحقة وهزائمنا المتكررة، اشعر انني اشاهد فضائيات ترطن فيها المذيعات السيليكونيات بلغة لا افهمها، ربما لأن برمجتي الدماغية تعود إلى العصر البابلي القديم الذي كان فيه الملك العراقي النشمي (شلمنصر الخامس) يحقق المكاسب السيادية في الشرق والغرب، ويسعى جاهدا لإعلاء شأن الميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) قبل اكتشاف النفط في حقول (مجنون) و (اللحيس) بعشرات القرون. .
اصبحنا في عصر يشترك فيه 90% من ابناء العالم العربي والإسلامي في تأييد مشاريع إسقاط عواصمهم في العراق وليبيا وتونس ومصر وسوريا، لكنهم اصبحوا بعد بضعة سنوات من المتباكين على أطلال الزوراء والقيروان. كانت امريكا هي التي تقود القوى الدولية لزعزعة امننا واستقرارنا، وهي التي ظلت تذرف الدموع بعد سقوط الانظمة القديمة وزوالها. .
اما الآن ونحن على مسافة قريبة جدا من عام 2025 اشعر انني اقف في مكان غريب. وزمن مضطرب. فالأخطاء والهفوات والثغرات والتنازلات والانهيارات صارت تتفجر تحت اقدامنا من حين لآخر بصواعق الفشل والخذلان والتواطؤ. .
قبل قليل كانت القناة 12 تنقل بالصوت والصورة تحركات جيوش الخياليم في العمق السوري، بينما قال الثوار الجدد ان الخياليم لم يقتحموا ارضنا، وانما توغلوا فيها قليلا لمسافة 25 كيلومترا فقط. ثم قالوا: هنالك فروقات كبيرة بين الاحتلال والتوغل. فالاحتلال حرام، والتوغل حلال مثل كعب الغزال. لكنهم لم يفسروا لنا اسباب تواجد وزير الدفاع (هيلفي) فوق قمة جبل الشيخ في ريف دمشق. .
اما أغرب تناقضات نشرة الـ (Foreign Policy) فهو قولها:
- ان الغولاني كان يرفض تواجد العناصر الأجنبية في صفوف ميليشياته. .
- بينما يطالبونه الآن بوجوب التخلص من العناصر الأجنبية المتواجدة في صفوف ميليشياته. .
لا ندري ما الذي يدور حولنا. فالأرض تتهيأ لحدث عظيم. والإستبداد قائم. والحصاد قادم. والشياطين تثير الفتن في البر والبحر. والمسلمون فرحون مستبشرون بعودة الدولة الأموية تحت اجنحة القاذفة الاستراتيجية B-22. .
هذه المرة الرابعة التي يفرحون بها بعد أفراحهم في حروب الخليج الاولى والثانية والثالثة، إبتداءً من عاصفة الصحراء إلى عاصفة العواصف. وجيب ليل وأخذ عتابة. . .