بقلم : سرى العبيدي …
تصنف معظم القرارات التي تتخذ في العراق، سواء كانت سياسية او خدمية أو وظيفية أو إدارية، على أنها أما قرارات لم تمر بسياقات إتخاذ القرار المعروفة، أو أنها إرتجالية تفتقد الى إساسات معلوماتية، أو مزاجية تعبر عن مزاج المسؤول المناط به صناعة أو إتخاذ القرار، أو أنها تتخذ وفقا لحسابات تخدم الفئة السياسية التي ينتمي اليها صاحب القرار، أو القريب منها..
ولكن أسوأها هي تلك التي توصف بأنها بنت لحظتها
بعض القرارات تتخذ تحت ضغوطات تصل الى التهديدات الأمنية، فيما الغالب على قرارات الآونة القريبة، أنها أتخذت تحت ضغط الشارع والمتظاهرين الذين يبحثون عن مصالحهم..إذ أن معظم التعيينات والإستجابات، كانت على قاعدة (كفيان الشر)، حيث أتخذت للتخلص من ضغوطات المتظاهرين، الذين أفترشوا بوابات المنطقة الخضراء..
الحقيقة أن القرارت يجب أن تتخذ إستنادا الى معلومات تفصيلية، ترتبط بها سلاسل من المعايير العلمية، وعند ذاك يتم البحث في القرار المناسب بعد طرح مجموعة من البدائل..
القيمة الفعلية للمعلومات لا تظهر؛ إلا عندما يحتاج إليها صانع القرار، وعادة ما تكون هذه المعلومات إما محفوظة في ذاكرة صانع القرار نفسه، أو يتطلب الأمر استدعاءها من أطراف وجهات أخرى لصانع القرار علاقة تعاون معها.
عند توافرالمعلومات يتم تقديمها لصانع القرار الذي يعكف على دراستها، لاستخلاص البدائل المختلفة منها وتحديد النتائج المتوقعة لكل بديل.
وتتوقف أهمية المعلومات على درجة مصداقيتها، وعلى قدرتها على مساعدة صانع القرار في التعرف على شتى الاحتمالات المتعلقة بالبيئة المحيطة بموضوع القرار، وكذلك المردود المتوقع عن كل بديل.
نظرا لأهمية المعلومات والدور الحيوي الذي تلعبه في صنع القرارات، فقد أنشأت دول العالم أجهزة خاصة ومراكز متنوعة لجمع المعلومات، وجعلتها وثيقة الصلة بمتخذي القرار أو الدوائر المحيطة بهم، وذلك لتقديم المعلومات اللازمة لمتخذي القرار.
وأصبح في كل دولة من دول العالم، وخاصة الدول المتقدمة، مراكز رئيسية لجمع المعلومات وتحليلها، واختير للعمل بها أفراد على درجة عالية من الخبرة والكفاءة؛ والتخصص في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
لقد ترسخ ذلك الأمر بعد اشتداد الأزمات وكثرة الحروب، وخاصة في القرن العشرين الذي شهد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما تبعهما من صراعات عمت مختلف دول العالم حتى اليوم، أما الدول العربية فقد تنبهت إلى أهمية المعلومات وضرورتها في وقت متأخر من هذا القرن.
لكننا هنا في العراق لم نقترب بعد بشكل جدي من أهمية المعلومات في صناعة القرار، وحتى المعلومات التي تعتمدها الحكومة في صناعة القرار، هي معلومات شوارعية وليست علمية، مع أن العراق يعج بالكفاءات العلمية، لكن هذه الطفاءات مركونة على جنب، فيما يتخذ الجهلة وقليلي المعرفة القرارات..!
• نوعية المعلومات التي يحتاجها صانع القرار
تتوقف أهمية المعلومات التي تحتاج إليها مراكز اتخاذ القرار على قدرتها على إزالة الشك في فاعلية البدائل المطروحة والمراد المفاضلة بينها، وكلما زاد عدم اليقين زادت الحاجة لمعلومات أكثر لإزالة الشك عن بعض الجوانب التي تحيط بتلك البدائل.
عملية اتخاذ القرار تحتاج إلى المعلومات التي تساعد في ترجيح بديل على آخر قبل اتخاذ القرار ومحاولة معرفة الآثار المحتملة لتطبيق القرار عند تنفيذه
يعني ذلك أن عملية اتخاذ القرار تحتاج إلى المعلومات التي تساعد في ترجيح بديل على آخر قبل اتخاذ القرار ومحاولة معرفة الآثار المحتملة لتطبيق القرار عند تنفيذه ومدى الاستفادة من هذه المعلومات في عملية ترشيد القرار، إضافة إلى تعريف متخذ القرار بأبعاد المشكلة.
تزداد حاجة متخذ القرار إلى نوع معين من المعلومات كلما كانت تلك المعلومات وثيقة الصلة بالأهداف التي يسعى لتحقيقها، أو توضح جوانب لها تأثير مباشر أو غير مباشر على المشكلة موضوع القرار، أو على البدائل المطروحة لحلها أو على تقويم تلك البدائل والمفاضلة بينها قبل اتخاذه للقرار.
هناك بعض المواقف التي تواجه صانع القرار وتحتم عليه الاختيار في ضوء معلومات غير مؤكدة، أو في ضوء معلومات جديدة تتناقض مع المعلومات السابقة التي تم على أساسها وضع البدائل المطروحة أمام صانع القرار، وعادة ما يلجأ متخذ القرار في هذه الحالة إلى خبراته السابقة ومقارنتها بالمعلومات المتوافرة لديه حتى يتمكن من الاختيار.
تحدث هذه الأمور عادة في المواقف الجديدة التي يغلب عليها عنصر المفاجأة مثل اتخاذ القرار بشن الحرب أو إنهائها أو بروز ظروف تستدعي اتخاذ قرار فوري دون أن يكون لديه متسع من الوقت لمعالجة ذلك الطارئ الملح.