بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
لم تتكلم الصحافة العراقية أبداً عن الفرقة الأركيولوجية التي رافقت فلول الجيش الامريكي إبان غزو العراق، والتي توجهت مباشرة نحو زقورة أور، فنبشت الأرض وقلبت عاليها سافلها، وكانت مسلحة بأحدث التقنيات بداية من أجهزة المسح الجيوفيزيائي مروراً باستخدام الليزر وانتهاءً بالنانو تكنولوجي وتطبيقاتها. فأخذوا ما أخذوا، ونهبوا ما نهبوا، وسرقوا ما سرقوا، بلا رقيب وبلا حسيب. وكانت غايتهم إفراغ هذا الموقع السومري من محتواه التاريخي. .
وفي الليلة التي سقطت فيها بغداد على يد الغزاة كانت عشرات الشاحنات تتجه صوب المتحف الوطني لتنقل ارثنا التاريخي الى أماكن مجهولة. . .
وكانت مهمة الدواعش معروفة ومكشوفة في النسف والتدمير بتوجيه من القوى الدولية التي وقفت وراء هذه الانتهاكات الحضارية السافرة. .
وتكررت الانتهاكات نفسها في سوريا، فلم تسلم آثارها من معاول التدمير.
فمنذ عام 2011 وكنوزها الأثرية تتعرض لعمليات نهب وتدمير واسعة النطاق، شملت (حسب تقرير للأمم المتحدة أصدرته نهاية عام 2014) نحو ثلاثمئة موقع أثري، وفي مقدمة ذلك الآثار الإسلامية في كافة المناطق السورية، والمدينة الأثرية في تدمر وسط البلاد التي تعد أحد أهم المواقع الأثرية العالمية، والآثار اليونانية والرومانية . . .
ومن ينظر الآن إلى الحرب اليمنية يفاجأ بما تتعرض له الآثار السبئية والحميرية في مأرب والطالع ويافع وصعدة وذمار وتهامة، حتى أصبحت مواقع اليمن الأثرية في مهب النهب، فالتجريف الذي يُمارس اليوم على التاريخ اليمني بسلوك متعمد مس عشرات المواقع الأثرية، وألحق بها أضراراً بالغة تنوعت ما بين النهب والعبث والتدمير. . .
لا شك ان معاول نبش آثارنا وتدميرها لم تهبط علينا من فضاءات الصدفة، ولم تكن من وحي المنظمات المتطرفة، بل هي حروب ممنهجة ومخطط لها منذ زمن بعيد لكنها وقعت الآن من دون يرصدها أحد. . .
وصدقت نبوءة شاعرنا البردوني عندما قال:-
وسيسطوا على الحــضارة غِرٌ بدويٌ عـبدٌ رهيــــنُ الأجانب.
وسيلحق بائعُ التُربِ عــــاراً وشناراً بذبح تــــاريخ مأرب.
وستـــغـــدوالــلاذقـية دارا تسكنها الأشباح في كل جانب.
وستزحف للإنقضاض علينــا جذوة الشر بنداء العقــــارب.
سنعاني ليس لذنب سوى أن بيتنا ركنــهُ ببـــاب المنادب. .