بقلم : فراس الغضبان الحمداني …
سأروي لكم كيف إحترقنا عندما كنا داخل مجمع الليث حيث سمعت صوت إرتطام قوي ثم تهشم في الزجاج من كل الإتجاهات فعرفت أنه إنفجار إستهدف المجمع ، هرع الجميع للخروج من المجمع و النزول للطابق الأرضي كان السلم يحتوي أكثر من 100 شخص يحاولون النزول ، وعندما تجمع الكل عند باب المجمع تفاجئنا بإنغلاق الباب بالنار الحارقة التي تلسع الجلد على بعد 5 أمتار وأصبحنا بلا طريق للخروج ولا مفر لنا إلى بر الأمان ، لم يتوقع أحد منا الموت فالنار كانت بسيطة و في بدايتها و بعيدة كل البعد عن المجمع .
دب الذعر في الجميع والكل يصرخ الله أكبر .. الله أكبر ، ثمة رجلا كان يصرخ إرجعوا للوراء سيطفأ الشباب النار و مؤكد أن الدفاع المدني في طريقه إلينا ، كان كل شيء يحدث بسرعة حتى النار أصبحت تنتشر و ترمي حممها علينا بسرعة فائقة ، ثمة إمرأة تصرخ ابني ابني بنتي ، و رجلا يبحث عن زوجته وأولاده ، وأطفال تائهين وشباب يركضون يمينا ويسارا ولا يعرفون أين يذهبون وكأن المشهد عبارة عن فلم من أفلام الرعب .
بدأت النار بالإنتشار السريع وهي تأكل كل ما يواجهها ، لم تكن نارا عادية بل كانت عبارة عن بركانا يستهدف لحوم البشر و يتقدم بإتجاهنا كالثور الهائج ، وكان هناك دخانا ثقيلا أسود محمل بالغاز الخانق يسبق تقدم النار و لشدته وكثرته حجب ضوء النار في المكان برمته ، صرخ أحد الشباب إنزلوا لـ سرداب المجمع فالدخان الحار يصعد للأعلى بينما سيطفئ الدفاع المدني النار .
هرع الجميع وسط لهيب النار إلى نهاية السرداب أحدهم يصرخ و الآخر يدعي و الآخر يبكي والأمهات والأطفال يستغيثون بينما إستمرت النار بإبتلاع كل ما في طريقها و مرت نصف ساعة من الهلع و نحن محاصرون و أصبح الهواء ثقيلا لا يدخل الرئتين حيث رائحة الغاز أخنقتنا ، بدأت الرؤية تتشتت بسبب الدخان الثقيل حتى قدماي أصبحت عاجزة عن حملي و بدأ الجميع بالسعال بدل الصراخ وفي كل مرة كنت أسعل فيها أشعر أن رئتي تتمزق وأحشائي تريد أن تخرج من بطني و طاقتي بدأت تخر ، ساد الصمت تماما و نام الجميع و لم اسمع إلا أجيج النار المرعب و هي تتقدم ، كانت عيناي لا تبصران فتحرقاني كلما فتحتهما بسبب رائحة الدخان الممتلئ بالغاز ، لكنني رأيت النار تنزل السلم وتنزل إلى السرداب لم أقوى على فعل أي شيء فلا مفر ولا باب و لا سلم نجاة و كل ما أتذكره إنني أحترق دون حراك حتى أصبحنا رمادا للنار التي أكلت أجسادنا لكن حمدا لله لم نشعر بالإحتراق فالدخان الخانق هو بمثابة رصاصة رحمة في قلوبنا .
نحن سعداء لأنكم بقربنا من خلال صلواتكم ودعائكم ، نحن هنا بخير ، ونشعر بالراحة والأمان ، وشعرنا بأن هناك شيء عظيم قد إستقبلنا وكأننا ضيوفه ، لم نشاهد العذاب الذي تكلموا عنه في الحياة لقد وجدنا هنا راحة أبدية جميلة ورائعة و جميعنا قد حلق فوق سماء الكرادة و أعالي البنايات نشاهدكم فردا فردا .
Firashamdani57@yahoo.com