بقلم : هادي جلو مرعي …
الوهم ليس جزءا من الحقيقة، ولكنه يصنعها أحيانا خاصة إذا تمسك به المتوهم (السياسي) حين يحصل على شيء يظنه لن يزول ويبقى، ويمكن تحقيق مكاسب كبيرة منه مادية، وغيرها، ويتيح له الفساد التعرف على طرق جديدة، يسير فيها لمسافات قبل أن يتعثر، وهو يواجه تحديات جسيمة وقاسية، ومنافسين كثر يملكون أسلحة فتاكة يمكن بها التخلص منه بطريقة ما خاصة عندما ياخذه الوهم الى مديات بعيدة، يظن معها إنه وصل الى القمة، وتفرد بها، وصار يرى الجميع صغارا، بينما يرونه صغيرا، ثم لايستطيع محاورتهم والسيطرة عليهم، ولايعود يتمكن من فهمهم، فيندفع مهددا متوعدا يفصح عن مكنوناته تجاههم بسلوكيات صادمة وقاسية ومتوحشة أحيانا ليقصيهم عن مكانتهم الطبيعية، وهو أمر لايرضيهم، فينبرون له متحدين ليوقفوه عند الحد الذي توهم أنه تجاوزه، ولم تعد هناك حدود تمنعه من شيء، ويفاجأ بجيش عرمرم من المتحدين المتمسكين برفضه، والتحضير للتخلص منه لأنه يواجههم مفردا بلامشروع، ومشروعه هو، وحين يكرس الشخص مشروعه ليكون شخصيا، ويعزل الآخرين، ويعطل كل شيء لصالحه، متوهما قوته الجبارة، وضعف خصومه الذين يراقبونه بإنزعاج، فقد إختصر كل شيء بشخصه، وأراد تكريس مقدرات مؤسسات بكاملها لتكون داعمة له تعمل بإمرته وتحت هيمنته، ويكون كل من فيها موالين طائعين.
في النهاية سيجد أنه لوحده بعيد عن كل مكسب حقيقي، وبلاقوة وتأثير، فهو يمتلك بعض الأدوات، ولكنها غير كافية، تصلح لمدة، ولاتبقى لفترة طويلة، ولاتؤثر كثيرا، فالرؤية مختلفة، والتقاطعات لاتحصى ولاتعد، وكلها تؤدي الى نتائج سلبية عليها لايتحملها، ولايستطيع الإفلات من مآلاتها التي تكون كارثية ليست عليه لوحده، ولكنها تكون طامة كبرى على الجميع، وهنا يكمن السر في إتحاد الجميع ضده، ولو توهم لفترة إنه سبقهم ولكن، وعند خط النهاية لن يسمحوا له بالصعود الى المنصة التي يقف عليها الثلاثة الكبار الذين يقلدون بالأوسمة.