د. منال فنجان …
ابتدء من مقولة الرئيس بايدن حيث قال ( وجودنا هناك لن يحدث فرقا ان لم يقوم الجيش الافغاني بواجبه في الدفاع عن بلاده)
أن ما حدث في أفغانستان بكل أسبابه وآثاره وتداعياته وظروفه ومعطياته وردات التفاعل معه، تثبت ان ما حصل هو عملية تسليم واستلام من الامريكان إلى طالبان وان عملية الاجلاء للسفارة بهذا الشكل الذي ينم عجلة وخوف وترقب و الذي آثار ردات فعل داخل امريكا وخارجها، ماهو بحقيقته الا مسرحية وتصرف مقصود لاثارة تلك ردات الفعل الذي ركز عليها الجميع بشكل لافت بحيث تم تجاهل تسليم أمريكا البلد لطالبان بوضح النهار وباتفاق وحوار مباشر في الدوحة،، وقد نجحوا في ذلك، ودليله ان قرار الانسحاب كان في زمن ترامب والذي كان يفترض ان يتم بشهر مايس وليس في اب حيث مدد بايدن تاريخ الانسحاب إلى اب، وهذا يعني ان ترتيب إجراءات الانسحاب يفترض انها مرتبة ومحسوبة ومعدة سلفا هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان سفارات الدول الأخرى لم تغلق سفاراتها ولم تهرب بذات الطريقة الأمريكية بالرغم من انه منطقيا ومن باب اولى ان يكون هذا حال كل السفارات الا السفارة الأمريكية لأنها هي صاحبة الحوار والاتفاق والصفقة مع طالبان وموعد انسحابها متثبت من مدة ليست قصيرة نسبيا
وهذا يثبت ما نقوله
وفعلا انشغل العالم بمسرحية الانسحاب المذل ولم يركز على الصفقة المذلة والخيانة الكبيرة لحكومة وشعب الأفغان، لتمسي ماسي العشرين عاما من موت واستنزاف للموارد وتكبيل الحكومة بديون الشركات وشروط صندوق النقد الدولي، رقما بلا حساب وواقع دفع ثمنه الشعب الافغاني .
وهذا ليس مستغربا من امريكا وليس تصرفا غير مدروس ولا هي هزيمة بل هي السياسة الخارجية الأمريكية الثابتة التي لم ولن تتغير بخطوطها العريضة بين الحمهوريين والديمقراطيبن
ومبدأ المصلحة الأمريكية يعتبر مبدأ اساسي وحوهري في هذه السياسة، ولا يمكن أن يلتزم الامريكان باي التزام سواء كان قانوني او سياسي او أخلاقي حتى، اذا تعارض ذلك مع مصالحها وفق حساباتها بغض النظر عن حسابات الطرف الآخر ومهما كان الثمن الذي سيدفعه الطرف الآخر
وحالة الأفغان اليوم ليست الحالة الفريدة فقد سبقتها الكثير من حالات الخيانة والخذلان والتخلي عن شركائها حتى وصفت بأنها الشريك غير المضمون والمامون، وهي لا تخفي ذلك بل ان هناك الكثير من الدراسات والمعاهد الاستراتيجية والمنظرين والكتاب والسياسيين تتحدث عن السياسة الخارجية الأمريكية وعلى أي الأسس التي تبنى عليها
لذلك ان بناء السياسة الخارجية لابد أن يستدعي معرفة مواقف الدول وسياساتها وحدود تلك العلاقة وضوابطها وتقييم الواقع ورسم ما ينبغي أن يكون عليه الحال وفق مقاييس المصلحة واحترام السيادة وتقوية النظام في الداخل وتوفير البدائل المناسبة في حال تبدل موقف الطرف الآخر والاحتفاظ بأوراق الضغط التي تضمن القدرة على المناورة وفرض الشروط
كل هذه المعطيات لابد من أخذها بعين الاعتبار عند بناء علاقة تحت أي مسمى ( تعاون، اتفاق، شراكة، تحالف……)
وهذا ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في العلاقة مع أمريكا وغيرها
واذا كان الكثيرون يجهلون هذه المعلومات فهو ليس عيبا لكن العيب كل العيب ان يتحدث الجهال بأمور لا يعرفوها ويجهلوها حتى ضللوا عقول البسطاء بكلام لا قيمة له
أفغانستان اليوم اثبتت ما كنا ننظر له عن السياسة الأمريكية البنية على الخيانة والخذلان والتخلي والشراكة غير المأمونة
عسى أن يكون الاغبياء والجهال والمصلحيين قد استفادوا من هذا الدرس
وان كنت اشك في ذلك
لذلك اقول لامريكا شكرا على ترسيخ صورتك الحقيقية على أرض الواقع مرارا وتكرارا كما كنا ولازلنا ننظر ونحاضر لذلك.