بقلم : سرى العبيدي …
شهد العالم منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي عدداً من المتغيرات في هيكل العلاقات الدولية وتفاعلاتها، وقد انعكس ذلك بشكل واضح على معظم مجالات الحياة، ولعل ما حدث من تطورات تكنولوجية وما تبعها من تطور في وسائل الإعلام ونظم الاتصالات يُعد أبرز هذه المتغيرات ، بل أصبح الإعلام وكيفية تطويعه لتكنولوجيا الاتصال عنصراً هاماً من عناصر تقييم القوة الشاملة للدولة ، وبالتالي تقييم قوة الدولة المتحكمة في النظام الدولي الحالي.
وهكذا أصبح العصر الذي نعيشه الآن ، هو عصر ثورة الاتصال والفضائيات التي تبث عبر الأقمار الصناعية ، بل وتحول العالم إلي قرية صغيرة ، وذلك كنتيجة مباشرة لما شهدته وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة ، من تقدم تقني ووظيفي ، أدى إلى انتشار القنوات التليفزيونية الفضائية ، فضلاً عن الانتشار المذهل لوسائل الإعلام الأخرى سواء المسموعة أو المقروءة ، ناهيك عن شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) ، مما دفع بالأحداث المحلية إلى دائرة الاهتمام العالمي، وجذب الأحداث العالمية إلى بؤرة الاهتمام المحلي .
السؤال هنا: هل تبني الصحافة نظاماً اجتماعياً ديمقراطياً؟ وهل الديمقراطية ضرورية للإعلام السياسي؟ وهل الصحافة الحرة هي الوجه الآخر للديمقراطية؟ أسئلة تتباين آراء الخبراء الإعلاميين حول إجاباتها
أن الصحافة مبررة بحقيقة أنها تبني نظاماً اجتماعياً ديمقراطياً. ويضيف ليس صحيحاً أن الصحافة لا يمكن تصور ممارستها إلا في إطار الديمقراطية. ويضرب أمثلة من الاتحاد السوفييتي السابق والبرازيل وإسبانيا. ويرى مايكل سكدسن أن الصحافة في حد ذاتها ليست ديمقراطية ولا تخلق ديمقراطية، إذ تعايشت لعقود مع أنظمة قمعية غير ديمقراطية.
وقد ميز بين السياسة كعمل حضاري عام، وبين السياسة كعمل سلطوي يومي خاضع لمناهج فكرية (إبداعية)، ولكنها بعيدة عن أي إبداع. ورأى الأديب البريطاني الساخر مارك توين أهمية الحرية في معرفة المزاج العام فقال لكي نعرف الإرادة الشعبية معرفة صحيحة، يجب أن تعمم الحرية بأوسع معانيها. فالديمقراطية مناخ تزدهر فيه الصحافة، وينتعش الإبداع، ويفسح في المجال لأوسع مشاركة في الشأن العام، وتتمكن الرؤية النقدية التي يوفر الإعلام انتشارها من تصويب أوجه الخلل في السياسات، وكشف مظاهر الفساد والهدر وانتهاكات القوانين بفعالية وسرعة، وتسود صلة طبيعية بين المراسلين والمحررين تمكن من ممارسة التعبير الحر أو المطالبة بتحقيقه.