بقلم : أياد السماوي …
في الأول من تشرين الأول من العام المنصرم وقبيل الانتخابات النيابية العامة المبكرّة بتسعة أيام , كنت قد كتبت مقالا مهمّا وخطيرا تحت عنوان ( تحالف قوى النظام والقانون ) , والمقال كان تحذيرا شديدا للأحزاب والقوى السياسية التي ترى أنّ لعبة الديمقراطية قائمة على الامتثال والانصياع الكامل للقانون واحترامه , من القوى السياسية التي تهدّد النظام السياسي القائم والعملية الديمقراطية برّمتها والتي ترى الدولة كلّها والنظام والقانون يتجسّد في الطاعة العمياء للزعيم وليس طاعة النظام والقانون .. في هذا المقال كتبت مايلي ..
( قبل الدخول في توضيح خطورة هذه الانتخابات وما سيترتّب عليها من نتائج , أودّ أن أطلع الرأي العام والشعب العراقي , إلى أنّ الظروف السياسية التي يمرّ بها بلدنا وشعبنا تشابه تماما تلك الظروف التي مرّت بها المانيا عام 1933 , قبيل صعود الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر إلى سدّة الحكم في ألمانيا .. ولو كانت الأحزاب السياسية الكبيرة في المانيا قد أدركت مخاطر النازية على الشعب الألماني وشعوب العالم بأسرها وتجاوزت خلافاتها السياسية ووحدّت كلمتها أمام هذا الخطر الذي سيدّمر المانيا والعالم , لما تمّكن الحزب النازي من القفز إلى السلطة واستغلال لعبة الديمقراطية , لكنّ المصالح الضيّقة والخلافات السياسية بين الأحزاب الألمانية الكبيرة هي من مهدّ الطريق للنازية الهتلرية للصعود إلى الحكم في ألمانيا والوصول إلى الرايخ الثالث وشن الحرب على العالم بأسره .. فمن خلال هذه المقدّمة نستطيع القول أنّ أهمية هذه الانتخابات تتمّثل تحديدا في منع قوى اللا نظام واللا قانون من الوصول إلى رئاسة الوزراء في العراق .. فوصول قائد سياسي يعتبر القرار الوطني هو مجرّد ( گصگوصة ) , ويعتبر الولاء لأسرته فوق الولاء للوطن والقانون والنظام , ويرى في نفسه القائد الواجب الطاعة من قبل الجميع وكلامه فوق القانون , ويمتلك القوّة والسلاح الذي يهدّد به أمن البلد واستقراره , إلى رئاسة الوزراء .. سيكون كارثة على العراق وشعبه , فمثل هذا القائد سوف لن يكون خطرا على النظام السياسي القائم فحسب , بل سيكون خطرا على الشعب العراقي وشعوب المنطقة بأسرها , وسيحرق العراق كما حرق هتلر ألمانيا والعالم معه .. خطابي هذا موّجه بشكل خاص إلى قوى النظام والقانون التي ترى أنّ الدستور والقانون فوق الجميع , وانّ الولاء هو للوطن والشعب حصرا هو الولاء الواجب ولا ولاء غيره ) ..
وها هي قوى اللا نظام التي استغلّت لعبة الديمقراطية وأدواتها , كأداة للوصول إلى مجلس النواب , تنقلب على هذا النظام من خلال تحالف مشبوه رسمت ملامحه وخطوطه العريضة في عواصم دول الإقليم .. وقد تجسدّت الخطوة الأولى في الانقلاب على هذا النظام من خلال الهجوم على مؤسسات القضاء الدستوري في العراق ممثلا بالمحكمة الاتحادية العليا ورفض قرارات هذه المحكمة وعدم الاعتراف بها والامتثال إليها , علما أنّ هذه المحكمة التي باتت اليوم غير مستقلّة وغير نزيهة ومنحازة ( للثلث المعطّل ) , هي نفسها التي رفضت الطعون التي تقدّمت بها قوى ( الثلث المعطّل ) لرفض نتائج الانتخابات التي تعرّضت للتزوير الواسع , وهي نفس المحكمة التي صادقت على نتائج هذه الانتخابات ( المزوّرة ) ورفضت إلغائها , وكذلك هي نفس المحكمة التي حكمت بصحة جلسة مجلس النواب الأولى وهي نفسها التي أعطت الفرصة للحزب الذي فقد فرصة المنافسة على منصب رئاسة الجمهورية , للتقدّم مجددا للترشيح إلى منصب رئاسة الجمهورية .. ولكن عندما تحكم هذه المحكمة بموجب الدستور والقانون وتقوم بواجباتها الدستورية وفقا لأحكام الدستور , تنقلب هذه القوى التي لا ترى في القضاء والقانون إلا أداة لتحقيق أجنداتها وأهدافها السياسية .. فإذا كانت النازية في ألمانيا قد حرقت ألمانيا والعالم معها , فإنّ قوى اللا نظام التي يمّثلها التحالف الثلاثي في العراق ستحرق العراق والمنطقة بأسرها , وقد بدأت ملامح هذه المرحلة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار من خلال إعلان الحرب على الدستور والقانون والقضاء العراقي ممثلا بالمحكمة الاتحادية العليا .. وهذا ما توقعناه قبيل الانتخابات وحذّرنا منه يتحقق الآن بالتفصيل ..
في 21 / 05 / 2021