بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
هذه هي النسبة المنطقية العادلة التي فاز بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية بنسبة (52.14%) فقط، وهي نسبة لا وجود لها في أنتخابات الرؤساء العرب، الذين احتكروا الفوز القهروقواطي والعهروقراطي بنسبة 100%. ولا مكان لهذه النسبة في ذاكرة الأمة العربية، التي دأبت على سماع النتيجة الدكتاتورية نفسها منذ مليون سنة ضوئية. ففي البلدان العربية أنت مُلزم بانتخاب الرئيس الفذ، والقائد الضرورة، والزعيم الملهم شئت أم أبيت، ولا خيار أمامك، لا أنت ولا فصيلتك التي تؤويك، اما إذا لم تنتخبه، أو تخلفت عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، أو راودتك نفسك الأمارة بالخروج عن طاعة أولياء الأمر فتبوء مكانك من السجن حتى تعود إلى رشدك في زنازين التعذيب. وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان. وستعيش مرغماً على تعليق صورة الرئيس المهيب الركن أو المشير الركن في كل زاوية من زوايا بيتك، اما أذا أختفت صورته (حفظه الله ورعاه) في بيتك، أو أهملتها حتى علاها التراب، فسيكون مصيرك مثل مصير تلك العجوز الكورية الشمالية، التي اعتقلتها سلطات بيونغ يانغ لأنها دخلت منزلها المحترق لتنقذ أطفالها من الموت، لكنها لم تنقذ صورة الزعيم (كيم يونغ أون) المعلقة على الحائط. وسيكون مصيرك مثل مصيرها لتكون عبرة لكل من لا يعامل صور الزعماء بالاحترام الواجب، أو يتقاعس عن العناية بها وحمايتها في كل الظروف. .
انت مرغم يا أخي على تقديس هؤلاء والتعايش معهم، لأنهم يمثلون الصنف الوحيد المتوفر في بلداننا. .
ربما تكون شعوبنا جاهلة ومتخلفة وعاجزة وضعيفة ومغلوبة على أمرها، لكن الأخطر عندما ترى جهلها مقدساً. وتذكر دائما انه عندما يتبول الفائزون بنسبة 100% فوق رؤوسنا فسيأتي دور إعلامهم السلطوي ليقنعنا أنها كانت تمطر. . .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين. . .