بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
سوف نصل في هذه المقالة إلى محطتنا الأخيرة في التعريف بالمنجز الثقافي للدكتور ذياب الطائي. كان في نيتي مواصلة الكتابة (مواصلة الهجوم) دفاعاً عن أدباء البصرة المغتربين في المنافي البعيد، لولا دخول الأديب البصري الغيور (زكي الديراوي) على الخط باتصاله الهاتفي المباشر مع الأستاذ الطائي في محل إقامته بهولندا. فجاء اتصال الديراوي في خطوة ذكية لرفع مستوى الاهتمام إلى السقف الأعلى. وهذا ما نصبوا اليه كلنا في تطلعاتنا المشروعة نحو التواصل مع أدباء البصرة حيثما كانوا، وهي بلا أدنى شك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الإتحاد فى المرحلة المقبلة، وذلك من أجل خلق منظومة وعى حقيقية لدى العراقيين كافة، تمكنهم من إدراك مستوى التحديات التى تواجهنا فى المرحلة الراهنة. .
فالبصرة هي الواجهة البحرية للعراق، والعاصمة المينائية لبلاد ما بين النهرين، وهي فوق ذلك كله خزانة العرب الغنية بالعلوم والفنون والآداب، تحمل منذ عقود وقرون شعلة التنوع الثقافي والتراثي والفني الفريد، وظلت تحملها حتى يومنا هذا. .
ففي سبعينيات القرن الماضي تصدر السياب مكانه المرموق على ضفاف شط العرب، بنصب تذكاري من إبداعات النحات (نداء كاظم). ثم اصطفت بجواره تماثيل الجنود والعساكر، لكنها اختفت بعد عام 2003 ليبقى السياب وحيداً في مكانه القريب من نهر العشار. بانتظار مبادرة اتحاد الكتاب والادباء في البصرة بتوزيع النصب التذكارية لأدبائها و عمالقتها الاحياء منهم والاموات. وهي مبادرة سيكون فيها دور الثقافة والأدب رافداً، بل ورئيسياً بالفعل، وذلك من منطلق الإيمان بأهمية المسيرة النهضوية. .
وفي عام 2017 كنت في زيارة إلى العاصمة الايطالية (روما)، فذهبت في جولة استطلاعية متنقلاً بين معالم حدائقها العامة، فأذهلتني تماثيل الشعراء والادباء والعلماء العرب: تمثال كبير لأحمد شوقي، وآخر للفراهيدي، وابن الهيثم، وابن خلدون. بينما تخلو منها ساحاتنا. وأحيانا تلاحقهم الاتهامات ليكون مصيرهم الموت بتهمة الزندقة، التي راح ضحيتها عبدالله بن المقفع، وبشار بن برد، والحلاج بفتاوى صدرت عن شيوخ وفقهاء بسبب ما اعتبروه وقتذاك كفراً وزندقة وضلالة وهرطقة إلى غير ذلك من أوصاف تجيز قتلهم، وتضعهم ظلماً وعدواناً في حكم من يُستباح دمه. .
ختاماً نأمل ان يرتقي الاهتمام بأدباء البصرة إلى المستوى الذي يعيد لهم استحقاقاتهم المهدورة. . .