بقلم: كمال فتاح حيدر ..
ما نريده من إيران، وما نتوقعه منها في توجيه ضربة قاصمة للمعتدين، نريده في المقام الأول من البلدان العربية كافة، ونريده في المقام الثاني من البلدان الإسلامية على اختلاف ألسنتها وقومياتها. اما وقد اتضحت مواقف البلدان العربية والبلدان الإسلامية، وتبين لنا الخيط الأسود من الخيط الأبيض، فكل الذي نطلبه من الحكومات العربية والإسلامية هو الوقوف على الحياد. وتجنب الانضمام إلى معسكر الاعداء، وان لا يكونوا عوناً وسنداً لنتنياهو في عدوانه المتواصل على غزة، وان لا يسخروا مضخاتهم الإعلامية في تشويه صورة المقاومة والإساءة إلى الشعب الفلسطيني المنكوب. وان لا يتلقوا التعليمات والتوجيهات من (افيخاي أدرعي) ومن (إيلي كوهين). .
وهنا لابد للشعوب الواعية من الانتباه للدور الخبيث الذي تلعبه الأبواق والأقلام الرخيصة في بث الفتنة، وفي التشويش على الرأي العام. .
خذ على سبيل المثال الكتابات والمقاطع والأفلام والأخبار التي تستهدف ايران وحدها وتسخر منها، وتشكك في مصداقية دعمها للمقاومة. وكأن دعم المقاومة صار منوطا بإيران فقط، أو كأن الجيوش العربية والإسلامية غير معنية بإعلاء راية الحق في مواجهة الباطل. أو كأنها في حل من الدفاع عن شعبنا وارضنا ومياهنا. .
من هنا يتعين على المواطن العربي ان يكون منصفاً وعادلاً في التقييم، وفي انتقاد مواقف الانبطاح والتخاذل والتآمر والذل والخذلان. .
انظروا الآن للدور الذي تلعبه جيوش الأردن في منع المظاهرات المؤيدة لغزة، وانظروا إلى دورهم في التصدي للصواريخ المنطلقة من العراق باتجاه العمق الإسرائيلي، وانظروا لدور حكومة عمان في تأمين سلاسل التوريد وفي الدعم اللوجستي من خلال جسورها البرية المرتبطة مباشرة باسرائيل. .
ثم انظروا أيضاً إلى الدور الذي لعبته الحكومة المصرية في غلق معبر رفح، وفي التصدي للصواريخ اليمانية المتوجهة نحو ميناء أم الرشراش، ودورها في تأمين الرحلات المكوكية لنقل الذخيرة والمؤن بين موانئ الإسكندرية وموانئ اسرائيل. .
لماذا لا تتوجه الانتقادات إلى هؤلاء، بينما نرى حملات الشماتة والاستخفاف تستهدف دولة واحدة بعينها من دون المساس بالبلدان العربية والإسلامية التي هي أولى بالدفاع عن غزة ؟. .
ثم انظروا إلى احوال اهلنا في الضفة، وما حل بهم من إضطهاد وقتل واعتقال ومداهمات على يد الشرطة الاسرائيلية والمستوطنين اليهود امام بيت محمود عباس في رام الله. وامام أعين 600 الف شرطي فلسطيني مسلح. إلا يفترض ان تتفجر النخوة في قلوب هؤلاء المحسوبين على (السلطة الفلسطينية) ؟. فلماذا نحصر اهدافنا العربية والإسلامية في مسرح دولة تقع وراء حوض الخليج العربي ووراء بحر قزوين ؟. .
ليس هذا دفاعاً عن إيران وانما هي كلمة حق ينبغي ان يسمعها قادة دول النطاق الذين اجتمعت فيهم خصال العروبة والإسلام، وتربطهم علاقات وطيدة وعميقة بالشعب العربي الفلسطيني المسلم ؟. .
قبل بضعة أيام شاهدت مقطعا للدكتور عبدالله النفيسي يتهجم فيه على ايران ويتهمها بتهديم اركان الإسلام الحقيقي. هل سألتم انفسكم عن دوافع هذا الهجوم الذي جاء متزامنا ومتناغما بالصوت والصورة وبنفس السيناريو مع تصريحات الناطق العسكري الاسرائيلي؟. ومتناغما ايضاً مع توجهات قناة العربية. ثم ما الذي سوف يستفيده النفيسي من إثارة الفتنة الطائفية في هذا التوقيت بالذات ؟. وهل نحن بحاجة إلى كوارث ابشع من الكوارث التي تشهدها غزة منذ ستة اشهر ؟. .