بقلم: كمال فتاح حيدر ..
النَّشَّالُ : صيغة مبالغة من نشَلَ: أي كثير النَّشْل· فالنَّشَّالُ: لصّ مُخْتَلِس خَفيف اليَد يَسرِق الجُيوب أَو يَنشُل بِخِفَّة، كثير النَّشْل، سارق يَمْتهِن النَّشل. وهو بلا ادنى شك عديمُ الشَّرف، قليلُ المروءة. .
يعتاش النشّالون من السرِقة. ويتخذون من الأسواق والمناطق المزدحمة مسرحا لممارسة نشاطاتهم. لكنهم تحولوا الآن إلى صالات القادمين والمغادرين في محطات المترو ومواقف الحافلات والمطارات. وربما اشتهر مطار تبليسي في جورجيا بتنوع خطط النشالين والنشالات. .
المؤسف له ان بعض المطارات العربية صارت هي الأخرى ملعبا لخبراء السرقات. يشاركهم فيها رجال الأمن والبوليس. يراقبون المسافرين الذين يسحبون نقودا من أجهزة الصراف الآلي، ويحاولون معرفة الرقم السري للبطاقة المصرفية. أو يستغلون المسافرين بأساليب قانونية عن طريق فحص الحقائب وتفتيشها. أو عن طريق التعليمات المالية التي تبنتها تلك البلدان في تسجيل الأموال التي يحملها المسافر في جيبه أو في محفظته. .
فالمطارات واجهة الأمم وبواباتها الحضارية. والنافذة السياحية التي تطل من خلالها الدولة على العالم. ومن غير المعقول ان تصبح بعض مطاراتنا العربية مرتعا للنشالين الرسميين، وكأنها تدار بإشراف عصابات متفننة في الاستحواذ على نقودك حتى آخر قرش. وما اكثر الحوادث التي وقعت بمشاركة رجال الامن. فتركت انطباعات سيئة جداً لدى الزائر والمغادر. .
بعض المطارات العربية كانت تديرها شركات أمنية دولية تمتلك احدث الأجهزة والمنظومات الرقابية والتدقيقية، لكنها فسخت عقودها مع تلك الشركات واستعانت بشركات رخيصة كاذبة غير معروفة لم يسبق لها العمل في اي مطار حول العالم. .
قبل قليل شاهدت مقطعا لمواطن عربي عاد من سويسرا لزيارة بلده، وكانت معه عشرة آلاف يورو. فاعترضته شرطة المطار بحجة ان المبلغ المذكور يتجاوز الرقم المقرر. فطلب منه السيد النقيب (الحرامي) التوجه إلى ماكنة العد للتأكد من المبلغ. شعر الرجل بالأمان والاطمئنان لأنه يتعامل مع رجال الدولة التي لا اريد ذكر اسمها. وتوجه برجليه إلى ماكنة العد. وسلم الرزمة المالية إلى الموظف، فحسبها ثم أعادها اليه بعد ثوان قليلات، وطلب منه التوقيع على وصل الاستلام. وهكذا غادر صاحبنا المطار من دون ان يفقد ثقته بالحكومة. لكنه اكتشف فيما بعد ان الرزمة اعيدت له بصيغة مختلفة، وأصبحت عبارة عن رزمة محشوة بعملتهم المحلية ومؤطرة من الخارج بالعملة الأوربية. بمعنى انهم نشلوا منه اكثر من تسعة آلاف يورو في ضربة رسمية واحدة سقط فيها بالضربة الفنية القاضية. فأقسم بأغلظ الأيمان ان لا يعود ثانية إلى بلده. .
هذه حكاية واقعية لمواطن من نفس البلد فما بالك بالوافدين من كل حدب وصوب. .