بقلم المهندس:- حيدر عبدالجبار البطاط ..
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ ۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
كلنا شعر في يوم من الأيام بأن هناك أماكن وأشخاصاً رأيناهم من قبل؟
إنه إحساس غريب هل كنا موجودين قبل أن نأتي إلى هذه الدنيا؟
هل كان لنا وجود قبل ولادتنا؟
الدكتور مصطفى محمود طرح تساؤلات من واقع آيات القرآن الكريم واستند إليها لتطوير نظريته.
سوف نتطرق إلى رؤيته الدينية حول فكرة وجودنا في عالم ما قبل الولادة.
وكذلك الرؤية الفلسفية والعلمية لهذه النظرية.
منذ أن بدأت أعي وأدرك وجودي.
يلازمني إحساس دائم بأنني كنت موجودًا دائمًا، وأنني حقيقة وليست شيئاً طارئاً حدث بسبب الميلاد !!؟
كنت هنا أو هناك في مكان ما أو في لا مكان، لا أدري.
ولكنه إحساس دائم ومؤكد بالحضور، لا أعلم مصدره !!
وكل ما يحدث أمامي الآن هو مرور شريط متتابع لأحداث متتالية لماضي وحاضر !!
هذا ما قاله الدكتور مصطفى محمود في كتابه
( الروح والجسد )حيث تحدث عن فكرة وجودنا قبل أن نخلق في أجساد مادية …..
وقد أضاف إلى اعتقاده قائلاً !!
هو شريط يمر أمامي ولكني في الأعماق خارج عن هذا الشريط وأقف على عتبة حضور مستمر وآنية مطلقة لا تعرف تزامناً.
أراقب تصاريف الزمن أمامي عن بُعد، وأراقب طفولتي وصباي وشبابي وشيخوختي، دون أن تدركني أنا أي شيخوخة، فأنا ذاتي شباب دائم وحضور دائم !!
ويؤيد هذا الإحساس الداخلي حقائق الدين التي تقول بأني أُحاسَب وأُعاقَب وأموت، و أنتقل إلى حياة برزخية، ثم إلى بعث، ثم إلى خلود في نعيم أو خلود في شقاء ؟؟
فأنا إذن خالد !!
بدأ الدكتور مصطفى محمود في سرد إشارات من القرآن تدعم اعتقاده.
وبدأ بالآية ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون )
فسر الدكتور الآية بأن هناك خلقاً أولياً على أحسن تقويم، وهذه الخلقة لا يمكن أن تكون خلقتنا التي نعرفها في الدنيا بأجسامنا التي تتعب وتمرض وتشيخ وتموت !!
لأن عندما وصف الله كمال خلقه للسماء قال في
الآية ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج )
بمعنى أنه لا توجد فيها ثغرات أو نقاط ضعف، على عكس خلقة البشر في الدنيا التي جعل الله فيها فرجاً و ثغرات وهي مدخل الشهوة والهوى ؟؟
وتساءل الدكتور مصطفى محمود !؟
كيف يمكن للخلق الذي جعله الله في أحسن تقويم أن يكون فيه ثغرة وسوءة وعورة؟
ولماذا سميت حياتنا هنا بالحياة الدنيا، التي تعني الواطئة أو السافلة، إلا إذا كانت هذه الحياة هي ( أسفل سافلين ) التي رُددنا إليها جميعاً بعد النشأة الكاملة في أحسن تقويم؟ أهبطنا الله في الجبلة الطينية … أو الجسد الطيني …الذي فيه الفرج والسوءة … لنعيش حياة الابتلاء والمعاناة والمكابدة !!
وتابع الدكتور مصطفى محمود تفسيره للآيات القرآنية، وتطرق إلى إشارات أخرى تؤكد اعتقاده.
واستدل بالآية ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به )
تساءل ؟؟
أين وكيف جمع الله النبيين وأخذ عليهم الميثاق مجتمعين ونحن نعلم أنهم جاءوا إلى الدنيا متفرقين ومتباعدين بالموت والميلاد؟
إلا إذا كان الاجتماع حدث في عالم آخر ومستوى آخر من الترددات العالية .
كما أشار إلى آية أخرى تدعم فكرته، حيث
يقول الله ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين )
وتساءل !؟
متى كانت الموتتان ونحن لا نعلم ولا نرى إلا ميتة واحدة؟ فهذه الآية وثيقة مهمة تؤكد وجود حياتين وموتتين.
اما من الناحية الفلسفية، هناك عدة نظريات فلسفية حول الوجود قبل الولادة.
- نظرية التناسخ
تفترض أن الروح تعود إلى الحياة بعد الموت في جسم جديد، مما يعني أن هناك نوعًا من الوجود قبل الولادة الحالية. - نظرية الفطريات
يقترح بعض الفلاسفة مثل أفلاطون أن الروح تمتلك معرفة مسبقة تأتي من وجود سابق، وعندما يولد الإنسان، يتذكر هذه المعرفة.
هذه الفكرة ترتبط بالاعتقاد بأن الروح كانت موجودة قبل أن تتجسد في الجسم. - نظرية الغياب
يذهب بعض الفلاسفة مثل إيمانويل كانط أن الوجود الفردي لا يبدأ إلا عند الولادة.
وبالتالي لا يوجد وجود أو وعي قبل هذه اللحظة.
كل من هذه النظريات توفر إطارًا مختلفًا للتفكير في مسألة الوجود قبل الولادة، وتعكس تنوع الأفكار الفلسفية حول طبيعة الوعي والحياة.
أما من الناحية العلمية، فقد أظهرت الدراسات أن الجنين يمكنه سماع الأصوات من خارج رحم أمه بعد ستة أشهر من الحمل ويشعر بالطمأنينة عند سماع ضربات قلب أمه. ولكن هذه الدراسات لا ترد بشكل مباشر على فكرة العالم النوراني للخليقة !؟