بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في سبعينيات القرن الماضي، كنا جنودا في مقر قيادة القوة البحرية في مكانها القديم على ضفاف شط العرب (بين المسفن وأرصفة المعقل)، كان النادي البحري يسمونه وقتذاك: (البهو)، وكان يعج مساءً بالضباط من كافة الرتب، وفي يوم من الايام اتصل العريف (مريوش) بالنادي للاستفسار عن الرائد سمير، وكان العريف (مريوش) من ابناء الأهوار المتزمتين المتشددين المتمسكين باخلاق القرية. فجرى هذا الحوار بينه وبين استعلامات النادي:
- سلام عليكم. أنا عريف مريوش. .
- وعليكم السلام. تفضل. معاك استعلامات البهو . .
- البهو ؟؟؟!. . من رخصة البهو، رائد سمير موجود عدكم يا لا ؟. .
(أي: بعد إذن البهو، هل رائد سمير موجود عندكم أم لا ؟). .
كان مريوش يعتقد من اعماق عقله ان (البهو) من قادة السرايا، أو من اصحاب الدرجات العالية الذين يستحقون التقدير والاحترام. .
لقد تسرّح (مريوش) من الجيش بعد عمر طويل وهو لم يقتنع بأن (البهو) هو المكان الواسع المخصص لاستقبال الضيوف. كان يظنه من كبار المسؤولين والقادة، تماما مثلنا نحن في هذه المرحلة الغامضة. التي لا نعرف فيها ما الجدوى ؟، وما الغاية ؟، وما الذي يضطرنا لترحيل نفطنا من أقصى الجنوب إلى أبعد نقطة في الأردن، وربما إلى شرم الشيخ ؟. .
نوجه تساؤلاتنا إلى الجالسين في بهو وزارة النفط على طريقة العريف (مريوش)، فنقول لهم: من رخصة البهو. هل يسمح وقتكم الثمين ان تبينوا لنا الاسباب والمسببات والدوافع والغايات التي اضطرتكم لتبني هذا المشروع وتغطية تكاليفه من أموالنا من اجل إنعاش الاقتصاد الأردني ؟. .
وهل هذا المشروع من بنات افكاركم أم من المشاريع المفروضة عليكم من القوى الدولية ؟. ولماذا هذا الغموض والتعتيم على التفاصيل ؟. ومتى تتخلى الوزارة عن صمتها لتحدثنا عن المردودات الإيجابية التي سوف نقطف ثمارها في المستقبل ؟. وما سر هذا التهافت نحو تقديم الخدمات السخية للأردن ؟. .
وهل حكومة عمان هي الشريك أو الحليف الاستراتيجي للعراق ؟. .
كلمة اخيرة: لدينا شريحة كبيرة من الناس لا يشعرون بمسؤوليتهم الوطنية ازاء العقود المليارية والصفقات المريبة والمشاريع الغامضة، ربما لأنهم يعيشون على الهامش، ولا رأي لهم، واعتادوا على كلمة: (نعم). .