بقلم : فالح حسون الدراجي ..
تنويه:
هذا المقال كنت قد نشرته في لجّة معارك التحرير.. واليوم أعيد نشره بمناسبة ذكرى النصر العراقي العظيم على تنظيم داعش الإرهابي ..اليكم المقال :
إحنه النخبطها ونشرب صافيها :
لا أريد أن أوغل في شرح معنى هذه الهوسة الرجولية الحماسية، فهي أولاً معروفة في جميع أنحاء العراق، على الرغم من أنها جنوبية المولد، والمنشأ، والإستخدام. وثانياً لأن معناها واضح وصريح، لا يحتاج الى شرح وتفصيل أيضاً. لكني أردت الإشارة الى أن هذه الهوسة تقال، وتنشد، في الفخر بالنفس، والأهل، والعشيرة.. والبلاد كلها..
ولأني جنوبي أفخر بأهلي وناسي وبلادي، وأعتبر نفسي جزءاً من مناخ هذه الهوسة، وبعضاً من مزاج الصادحين بها في المفاخر، لذا سأشرح معناها – مضطراً- بعد أن علمت أن مواقع عربية إلكترونية: أحدها لبناني- من جنوب لبنان- والآخر من اليمن، وموقع ثالث من البحرين، تنشر مقالاتي مشكورة.. لذلك اقتضى مني التعريف بمعنى هذه الهوسة، وشرح جدواها بإيجاز..
فمعناها هنا يقول:
(نحن الذين نعكر صفو الماء، لسبب أو لآخر.. سنعود- ولا أحد غيرنا- لإعادة الصفو اليه ثانية) !!
وبالمعنى التفاخري حسب نص الهوسة، فإننا وحدنا من يعدِّل الأمور إذا اعوجت ويصحح المسير إن انحرف، ويعادل الموازين إن اختلت، نحن وليس غيرنا من يقوم بذلك!!
ولو نقلنا هذه الهوسة الى واقعنا الحالي، حيث نواجه اليوم تنظيم داعش مواجهة باسلة وشرسة، ويبدو أن معناها هنا يتطابق تماماً مع ما أفكر فيه جوهرياً لا شكلياً فحسب، لأن داعش الذي فجَّر في باريس، وألغى بإرهابه مباراة دولية في المانيا، وأرعب قارة أوربا كلها.. وأدخل مطارات مائة وخمسين بلداً بإنذار جيم.. وجعل (السعودية) ترتجف من قدميها حتى رأسها خوفاً، ثم أقلق تركيا وأحرج مصر، مما جعل هذا التنظيم الإرهابي هدفاً لتحالفات دولية، واتحادات عسكرية، وتجمعات إقليمية واسعة، وحيث يسعى ويهدف الجميع الى التخلص من شروره وأذاه.
لكن هذا التنظيم الإرهابي (يجاهد) أيضاً بكل الوسائل المتاحة من أجل أن يبقى على قيد الحياة، لا من أجل أن يستمتع بروائع الجمال التي توفرها طبيعة وبهاء الحياة، إنما من أجل أن يقتل اكبر عدد ممكن من البشر (الأوادم).
ورغم كل هذه التحالفات الدولية، والإستعدادات الأمنية، والتخطيطات الاستراتيجية لتدمير داعش، فأنا أجزم أن سقوط هذا الوحش لن يكون على غير يد العراقيين، والسبب لايعود لكون العراقيين شجعاناً جداً، وأبطالاً جداً فحسب، فهناك الكثير من جيوش العالم التي تتصدى لداعش تملك الشجاعة أيضاً دون شك.. ولا لأن العراقيين يدافعون عن وطنهم وأرضهم وأعراضهم حسب.. فثمة بلدان أخرى تقاتل مثلنا ضد داعش، ومن أجل الهدف ذاته أيضاً. ولا أظن أن نصر العراقيين سيكون بسبب سعيهم لتحرير أرضهم المحتلة من قبل هذا (التنظيم) فقط، لأن هناك أكثر من بلد لديه أرض احتلها الداعشيون أيضاً..
إذن لماذا ينتصر العراقيون على داعش استثناءً عن الآخرين؟
السبب كما أرى: أن العراقيين يملكون كل هذه العوامل المشجعة التي تدفعهم لتحقيق النصر مضافاً اليها عاملان ودافعان آخران غير موجودين لدى غيرهم، الأول: دافع الإيمان والإقتداء بالرمز. ومن كان الحسين قدوته ورمزه في الجهاد والتضحية من أجل الحرية، لايمكن أن يهزم. وثانياً أن في العراق جيشاً عسكرياً باسلاً ركيزته ابطال مكافحة الإرهاب، وحشداً شعبياً (مدنياً)، منظماً تنظيماً عسكرياً كبيراً وخبيراً، لذلك هو جدير بالإشادة والذكر في هذا المقال وفي كل مقال، فهذا الحشد الذي لايكف عن النصر ابداً، هو لا يتوقف ايضاً عن تقديم القرابين على مذبح الحرية والشرف والكرامة..
نعم ومن أجل ذلك كله، تروني أراهن على نصر العراقيين قبل أن تحققه شعوب الارض الأخرى ..
فلتتحرك دول العالم، من أمريكا وروسيا وفرنسا والمانيا وغيرها إن ارادت، ولنترك جيوش الدنيا تتدافع من أجل الحصول على (عضة) من لحم داعش المر، لكن كسر ظهر هذا الوحش – وهذا ليس غروراً طبعاً – لن يتم إلا بيد العراقيين حصراً، ولن يكسر شوكة الإرهاب، غيرنا قطعاً، ألسنا نحن الذين قلنا ونقول : (إحنه النخبطها ونشرب صافيها) .. وسترون ذلك !
إن جيشاً وحشداً يقاتل فيه الشعراء، ويستشهد فيه الحالمون مثل الشاعر الجميل الحالم علي رشم، الذي استشهد في جرف الصخر، لن يهزما أبداً .. بل ولن يتحقق النصر إلا على يديهما الكريمتين .