بقلم: كمال فتاح حيدر ..
علمتني قوات التحالف (العربي الغربي) الزاحفة نحو العراق أن لا أندهش من سرعة سقوط بغداد للمرة التاسعة منذ سقوطها الاول عام 1258. .
وعلمني سقوط ليبيا أن التحالف (العربي الغربي) هو الذي يمتلك القدرات الاستثنائية في التحرك شرقاً وغرباً لاكتساح الأنظمة الحاكمة وتغييرها بسرعة البرق. .
وعلمني سقوط دمشق ان الأفراح الشعبية العارمة التي اجتاحت المدن السورية هي صورة طبق الأصل من الاحتفالات الليبية يوم انهيار نظام العقيد القذافي. .
وعلمتني الأحداث المتفجرة فوق رؤوسنا ان المضخات الإعلامية العربية هي التي تقف وراء تنفيذ المخططات الخارجية، وهي التي قادت حملات التضليل والتطبيل منذ اندلاع حرب الخليج الأولى. .
وتعلمت أيضاً ان لا أطمئن لأفراح الشعوب فالكل مجرد كومبارس في مسرحية من انتاج وإخراج القوى الدولية القابعة وراء الكواليس. فما يحدث في سوريا الآن هو مسرحية مكررة سبق ان شاهدها الشعب الليبي قبل 14 سنة. .
اغرب ما يشعر به الشعب العربي في ليبيا وسوريا والعراق وفي كل مكان انه لم يعد يميز بين الحق والباطل. بين الظالم والمظلوم، بين المعتدي والمعتدى عليه، بين الوطني والمتآمر. وبين الغالب والمغلوب، فقد اصبحت الصورة مشوشة ومقلوبة وليست لها ملامح. .
لسنا مغالين إذا قلنا ان الشعب السوري سوف يواجه نفس المصير الذي واجهه الشعب الليبي، ليس لضعف الشعبين (السوري والليبي)، ولكن القوى الدولية لا تريد الخير لكل الشعوب العربية. آخذين بعين الاعتبار إننا اصبحنا على مسافة زمنية قريبة جدا من تقسيم بلداننا وتجزئتها وظهور دويلات بديلة، لكنها سوف تكون ضعيفة وغير مستقرة. وسوف تظهر لنا خرائط بحرية جديدة في حوض الابيض المتوسط تتضمن تقسيم حقول النفط والغاز، وسوف يستمر تساقط الأنظمة بتسلسل مرسوم وبتوقيتات شبه معلنة. .
وتذكروا ان الذين ساعدوا الشعوب على ازاحة أنظمتهم الظالمة اشبه بتلك المحامية التي تكفلت بكافة مصاريف طلاق امرأة من زوجها، ثم تزوجته بعد أسبوع من إتمام جميع إجراءات الطلاق. .
كلمة اخيرة: لم تتحرر سوريا، بل سقطت. لم ندخل عصر الحرية، بل دخلنا عصر العلو التوراتي من أوسع أبوابه. البعض يعرف ذلك جيداً الآن، والبعض الآخر سيعرفه حتما بعد فوات الأوان. .