بقلم/ عامر جاسم العيداني …
أن التحول الديمقراطي الذي شهده العراق بعد عام ٢٠٠٣ ، لم يبنى على اساس المواطنة والكفاءة وإنما على اساس الحزبية والطائفية مما خلق للشعب العراقي أزمة هوية وطنية ، حيث لم يستطع توجيه بوصلة الحكم نحو خدمته في اختيار الجهات والاشخاص المناسبين لإدارة البلد ، بل كل دورة تشعر أن الوضع يزداد سوءً .
وأن التوغل الطائفي في نفوس العراقيين أخذ جانبا آخر من الصراع بعد أن كان دمويا للوصول إلى السلطة وذلك بتقسيم مؤسسات الدولة كمحاصصة ، حيث تشكلت تيارات سياسية تستخدم المال في كسب مؤيديها وتعمل من أجل الحصول على أكبر المكاسب بدعم خارجي واضح لإزاحة من يقف في طريقها ، وهذا ما نراه اليوم وما حدث في الإنتخابات النيابية الأخيرة .
ولم يحصل التغيير المنشود في الوضع السياسي بسبب فقدان الهوية الوطنية وعدم ثقة المواطنين بالسياسيين ، وعدم قدرته على اتخاذ قرار التغيير لعزوفه عن المشاركة الواسعة في الإنتخابات ، وساهمت الدعاية الإعلامية لبعض الجهات السياسية التي استخدمت كافة الوسائل وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي لتصوير العملية الانتخابية بأنها لا يمكن أن تعمل على أي تغيير في واقع الحال السياسي ، مما أدى ذلك إلى العزوف عن المشاركة فيها ، وفازت الكتل السياسية بأصوات مؤيديها .
من ناحية أخرى ، ان الفائزين في الإنتخابات من الأحزاب والتيارات الأخرى بكافة تصنيفاتها لا تمتلك اي برنامج اصلاحي واضح المعالم بل مجرد تصريحات خالية من المصداقية يتناساه مطلقها بمرور الزمن ولكثرتها تجعل من المواطن لا يعرف بالضبط ماذا سيقوم به السياسي عند استلامه المسؤولية سواء التشريعية او التنفيذية .
وهذا يدل على أن السياسي أيضا فاقد للهوية الوطنية بعد أن استطاع سلبها من المواطن فأخذ يعمل وفق مصالحه الحزبية والشخصية بعيدا عن الهدف الذي جاء من أجله حسب دعايته الإنتخابية.
وأن التظاهرات التي خرجت خلال السنتين الماضيتين لم تستطع تغير الواقع السياسي نحو الأفضل بل ساهمت بتغليب جهة على حساب جهة أخرى تريد أن تتسيد على مفاصل الحكم بدواعي الاصلاح ، بل هو تنفيذ لاجندات خارجية لابعاد العراق عن جهة دولية لحساب جهات اخرى .
واليوم الصراع السياسي على السلطة أوضح غايات كل جهة سياسية شاركت في السلطة منذ التغيير ، الفائز يدعي الاصلاح ويريد تشكيل حكومة أغلبية بالتوافق مع كتل سياسية اتجاهاتها معروفة للشارع العراقي بأنها من توابع الماضي القريب وميولها للحضن العربي والغربي وتشددت مع حلفائها السابقين وتريد ابعادهم عن المشاركة في الحكم وخلقت انسدادا سياسيا من الصعوبة تفكيكه نتيجة للاصرار والتحدي ..
والايام حبلى بما تتمخض عنه دورة التفاوض التي تخوضها الكتلة السياسية الراغبة بالمشاركة خوفا من ابعادها نهائيا عن تقرير شكل الحكومة القادمة .