بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
لم تحترق الخرطوم بعدوان خارجي، وإنما بقتال يخوضه قادة فصائلها المسلحة في صراعهم على العرش وعلى السلطة، وربما تدخلت الطائرات العربية الآن لتشارك في القصف الجوي لتصب النار على الزيت، وتحرق البلاد، وتدمر وتنسف كيفما تشاء، ولتزيد وتيرة التطاحن بين القوتين السودانيتين المتحاربتين، ولكل منهما إمدادات خارجية تدعمه وتسانده. نخشى أن يتجدد الصراع في السودان بنفس السيناريو الليبي، والسيناريو اليمني، والسيناريو السوري، في صراع داخلي على أرض الوطن بين قوتين متناحرتين للاستحواذ على الحكم. .
تذكرني المعارك السودانية الرمضانية، بحركة 28 رمضان عام 1990، والتي قادها في السودان بعض الضباط ضد الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وتذكرني بالانقلاب العسكري العراقي في الرابع عشر من رمضان عام 1963. وحرب أكتوبر التي خاضتها الجيوش المصرية في رمضان عام 1973. وللعرب سوابق كثيرة في الحروب والمعارك التي وقعت في شهر الصيام. لكن ما يجري الآن هو صدام مسلح من نوع آخر. لأن المنتصر فيه هو المهزوم، والرابح فيه هو المندحر. صدام انتحاري ضحيته الشعب السوداني المسالم. .
ما يشهده المواطن السوداني الآن هو تدمير شامل لبنيته التحتية، حيث السوداني يقتل السوداني بلا رحمة، والسوداني يقع أسيرا في قبضة شقيقه السوداني. .
هنالك اكثر من منظمة دولية تطالب الجهات الخارجية بعدم التدخل في شؤون السودان، وتطالب القوى المتحاربة بوقف الاعمال العدائية، من دون ان تكلف منظمة الجامعة العربية نفسها في اطلاق كلمة واحدة تدعو فيها الى التهدئة. وربما كان صوت المجلس القومي الافريقي اعلى من صوت جامعتنا التي لا تجمع. .
ختاماً: اغلب الظن ان دولة السودان ستكون مقسمة بين جيشين، ومشتتة بين جبهتين. جبهة تتموضع شرق النيل واخرى غرب النيل. فقد استقطعوا جنوب السودان قبل أعوام، وسيأتي الدور على ما تبقى من أرض السودان. .
وللحديث بقية. .