بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
رحم الله الدكتور علي الوردي الذي سبقنا في تشخيص مظاهر النفاق الاجتماعي، عندما قال: (انظر إلى الأشخاص الذين يحترمهم المجتمع تعرف الاتجاه الحضاري السائد في ذلك المجتمع، وتعرف مصيره). وربما يتفق معه فولتير بقوله: (إذا اردت أن تعرف الذين يتحكمون بمصيرك فأبحث عن الذين لا يسمح لك المجتمع بانتقادهم). ومما لا ريب فيه ان ابن خلدون سبقهم جميعاً عندما وضع يده على موضع الألم من الجرح، بقوله: (لو خيَّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد لاخترتُ بلا تردد زوال العبيد، لأن العبيد هم الذين يصنعون الطواغيت ولا يبنون الأوطان)، سبحان الله العظيم، وكأنهم جميعاً يعيشون بيننا اليوم. .
قبل بضعة أيام تساءلت (مجرد تساؤل بريء) عن أسباب ومسببات حادثة شاهدتها منشورة بالصوت والصورة على صفحات مواقع التواصل، كان تعليقي يتلخص في حدود التساؤلات المشروعة، كنت أتساءل فيما إذا وقعت بالفعل، أم ان المقاطع المنشورة كانت مفبركة وغير صحيحة ؟. فجائتني الردود المؤكدة على وقوعها، لكنني تعرضت في الوقت نفسه لحملة من الشتائم واللعنات، التي كانت تتمحور كلها في الدفاع عن المؤسسة الحكومية المتهمة بالإهمال والفشل. .
كانت حملة ضارية اشترك فيها معظم الموظفين المؤيدين لمدراء اقسامهم ومدراء تفرعاتها الاخطبوطية. واللافت للنظر انه كلما تكررت الحوادث (والحوادث محتملة الوقوع في كل زمان ومكان، ولابد ان تقع) تخرج علينا فئة من الذيول واصحاب الميول للذود عن مؤسستهم المقدسة المحروسة المحصنة المصانة، والتي يزعمون ان الباطل لا يأتيها من بين يديها ومن خلفها. وبالتالي فان مستقبلنا سيكون في حكم المجهول تحت وطأة هذه المظاهر الداعمة لكل فاشل. .
نعلم تماماً ان الداعمين للفشل لهم مصالح ومنافع ومكاسب، لذا تراهم يتسترون على الكبوات والهفوات والانحرافات، ويسعون لتبرير الفشل من أجل ابعادك عن الحقيقة، وأحياناً يلجئون للتضليل باعذار واهية، وليس هناك شيئاً واحد يجعل مستقبلنا مظلماً سوى تبرير الفشل والتغاضي عنه. .
ختاماً نقول: ان الانتماء للوطن اسمى وارقى وأعلى من الانتماء للأفراد، لأن الانتماء للوطن يحمي المجتمع من عوامل التقهقر والانهيار، ويحمي الشعب من تصرفات المغفلين. لأن المواطن الصالح الذي يشعر بالولاء والانتماء لوطنه يبتعد عن كل ما يسبب الضرر للمصالح الوطنية. ولا يخشى في قول كلمة الحق لومة لائم. .