بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في الليل. وفي حلكة الظلام الدامس كانت الأشباح تخرج من تحت رماد البنايات المهدمة في خانيونس. حاول العريف (شمويل) تفحصها بناظوره الحراري، فوقع بصره على اشكالها الهلامية المرعبة. كانت الأشباح بلا رؤوس، لكنها تتحرك بسرعات جنونية، وأحياناً تحوم حول دبابات الميركافا. وقع (شمويل) مغشياً عليه بعد نوبة من الرعاش والهلوسة. كاد يموت من الهلع فتبوّل في سرواله. .
في اليوم التالي كان معظم أفراد كتيبة القطعان يلوذون بالفرار، ويختبئون في ملاجئ الخطوط الخلفية. ويروون لبعضهم حكايات الأشباح ذات الرؤوس المقطوعة. .
انتشرت الروايات عن كوابيس العفاريت والجنيات، وتعمقت مظاهر الإرهاق والانزعاج، ثم ظهرت على القطيع كله بعد دخول الحرب شهرها الرابع، فالمصابون بالعاهات العقلية والنفسية أكثر بكثير من الموتى والجرحى، وذلك على الرغم من الفارق الكبير بين القدرات التعبوية لرجال المقاومة وبين قدرات الطرف الآخر من حيث التعداد والأعداد والتسليح والدعم الجوي والبري. .
يخوضون الآن حربهم الخاسرة من المسافة صفر. حرب لم يشهدوا مثلها منذ حرب لبنان الأولى عام 1982. فكان من الطبيعي ان تظهر عليهم أعراض الإفراط في تعاطي الكوكايين والمنشطات. .
سجل المراسلون لعنات القادة الميدانيين، وهم يصبون جام غضبهم على رباعي الإجرام: (بيبي + جانز + جالانت + هاليفي). لا أحد يصدق كلمة واحدة مما يقوله هؤلاء الحمقى الذين ارسلوا المراهقين ليُقتلوا من أجلهم. قالت عنهم صحيفة (هارتس): إنهم يتصرفون مثل قطيع من بنات آوى. يتظاهرون أمام العدسات بمظهر الجبان المنتصر على خياله. لقد نشأوا وتربوا على نهج هانيبال، فحياة الرهائن والجنود لا قيمة لها في حساباتهم، ولا تساوي قشرة حبة ثوم. يزعمون أنهم يتمتعون بالذكاء والمهارة والتصميم، لكن تفكيرهم دون مستوى تفكير رجال المقاومة. هذا ما تقوله عنهم أيضاً صحيفة (يدعوت أحرونوت). .
ختاماً: يقول نتنياهو: سوف أواصل الحرب حتى الانتصار. لكنه سوف يواصلها حتى الاندحار والانتحار. تتساءل صحافتهم عن كيفية إرسال 350 ألف جندي ودبابة وطائرة دون حساب، وبكميات جنونية، بينما تتعرض إسرائيل للإنهيار أمام بضعة آلاف من الفلسطينيين المقاتلين المصممين على النصر أو الشهادة. .