بقلم: كمال فتاح حيدر ..
حينما يقع المال في يد المجانين والسفهاء يصبح نكبة عليهم وعلى من حولهم (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)، فالسفيه لا يُحسِن التصرف بالمال، إما بسبب غباءه، أو لأنه غير راشد، أو لأنه قليل الأدب (أعزكم الله). .
فقد بلغت مستويات السفاهة في بلادنا مبلغا لا مثيل له بين الشعوب والأمم. .
ولا أكتمكم سراً. لقد أصبت بصدمة عنيفة قبل قليل عندما شاهدت صورة لرجل يشتري لناقته أغلى المجوهرات من ماركة (ڤان كليف) Van Cleef بقيمة 28 ألف ريال. وآخر يُلبس معزته المدللة اجمل العقود المزينة باللؤلؤ. وصارت عندنا عشرات المحال التجارية المتخصصة ببيع الأقراط والأساور والاكسسوارات للعجول والأغنام والأبقار والكلاب والقطط والسحالي، حالة غير مسبوقة في الأسراف والبذخ والتهور. .
وعرضت مواقع التواصل مجموعة من الصور لشاب خليجي توجه إلى متجر (كارتيه) لشراء قلادة ثمينة لناقته، ثم قام بالتقاط صورة سيلفي معها بعدما وضع القلادة حول رقبتها مرة، وحول قدمها مرة أخرى. سلوك عجيب لا يختلف عن سلوك الهندوس الذين يقدسون أبقارهم ويكسونها الذهب، ويشربون بولها. .
وفي الدمام بالمملكة العربية السعودية كانت الناقة (الهنوف) تتزين بقلادة من الذهب الخالص في حفل زواجها من البعير (عجلان). قيل ان قيمة القلادة كانت بنحو 16 مليون ريال. وقد اكتمل حفل الزواج بمشاركة حشد كبير من الباذخين والمسرفين والمتبطرين والمترفين وأصحاب الكروش المتورمة. .
وفي مكان لا يبعد كثيرا عن احتفالية الناقة (الهنوف) ترى الجوع يقتل الصغار والكبار. وتسمع صرخات الاستغاثة تتردد في مخيمات غزة. أطفال بهياكل عظمية، وآخرون يقفون في طوابير للحصول على بعض الطعام ليخفف عنهم ألم الجوع. أو جرعة ماء علها تطفئ بعض ظمئهم، ومشاهد أخرى لأطفال وهم يلتقطون ما بقي من حبات الرز في قِدْر. وثمة مقاطع تظهر عجز الآباء عن توفير كميات قليلة من الأكل لينقذوا بها حياة من تبقى من أفراد أسرهم، ويرعبك صراخ الأمهات وعويلهن بسبب سوء التغذية والجوع القاتل. بينما تتزين إبقار العرب وأغنامهم بأغلى العقود والأقراط والقلائد. .
ولله في خلقه شؤون. . .